رجالهم ونسائهم فلم يرعبني ذلك حتى أنفذت ما وجهني إليه رسول الله صلوات الله عليه وآله.
وكان الذي حمل عليه نفسه عليه السلام من التقحم على أهل مكة، وقد قتل من ساداتهم وحماتهم ووجوه رجالهم من قد قتل من أعظم الجهاد والاقدام بالنفس على التلف، فتقدم على ذلك مؤثرا لطاعة الله وطاعة رسوله محتسبا له نفسه.
فأما قول جبرائيل عليه السلام لرسول الله صلوات الله عليه وآله: لا يؤدي عنك إلا رجل منك، وفي بعض الروايات لا يؤدي عنك إلا أنت أو علي، فقد تقدم ذكر ما في ذلك من البيان على إمامة علي صلوات الله عليه. ولما توجه رسول الله صلوات الله عليه وآله بجموع المسلمين - وقد أعزهم الله سبحانه وكثرهم - إلى مكة نظر أهلها من ذلك إلى ما ليس لهم به قوام فاستكانوا وخضعوا، وسألوا الصفح عنهم والدخول في السلم، أقبل رسول الله صلوات الله عليه وآله يوم دخول مكة في عساكر لم تر العرب مثلها عددا وعدة قد تكفروا في السلاح ما يتبين منهم إلا الحدق.
وجعل الأنصار في الميمنة ورايتهم مع سعد بن عبادة، والمهاجرين في الميسرة ورايتهم مع الزبير بن العوام، وقال لكل واحد منهما ادخلوا من موضع كذا وكذا، وكان هو صلوات الله عليه وآله في جمهور خواص المهاجرين والأنصار وسائر الناس، ومع كل قوم من قبائل العرب عدد عظيم. فسمع عمر بن الخطاب سعد بن عبادة يقول وبيده الراية - وهو يريد دخول مكة -:
اليوم يوم الملحمة * اليوم هتك الحرمة (1)