قبله فهو ولي أمته من بعده، والذي يقوم لها مقامه، فلا اختلاف بين الأمة في ذلك وبأنه نص عليه بأنه أمير المؤمنين، فكيف ينبغي لغيره أن (يتسمى) (١) معه بهذا الاسم بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله أو يتأمر عليه وقد جعله رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين وأمره بذلك عليهم أجمعين ونص - أيضا - عليه فيما ذكرناه بأنه خليفته على أمته، فمن أين يجوز لاحد أن يدعي أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله بعده معه؟ بل أي نص، وأي تأكيد، وأي بيان يكون أبلغ من هذا، وأي شبهة فيه؟ إلا على من أعمى الله قلبه واتبع هواه وصرح بالخلاف على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وآله، نعوذ بالله من الحيرة والضلال والكون في جملة الجهال.
وأعجب ما جاء في هذا الباب احتجاج أبي بكر على العباس بما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله يوم جمع بني عبد المطلب من اقامته عليا وأخذه البيعة له بالاخوة والوصاية والوراثة والوزارة والخلافة، وأمره إياهم بالسمع والطاعة له.
وقد ذكرت الحديث قبل هذا بتمامه وهو من مشهور الاخبار عن الخاص والعام، فإذا كان ذلك كذلك وهو الأخ والوزير والوصي والوارث والخليفة ومستحق تراث رسول الله فمن أين وجب لأبي بكر وغيره أن يدعوا أنهم خلفاء رسول الله وأن يقوموا مقامه من بعده، وليس أحد منهم يدعي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له مثل ذلك ولا شيئا مما قدمنا ذكره ويأتي بعد في هذا الكتاب مما يوجب إمامة علي عليه السلام وما هذا إلا كما قال الله تعالى: ﴿فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾ (٢) وقوله تعالى ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾ (3).