ابن الأشعث فأخبره بمكان ابن عقيل عند أمه فأقبل عبد الرحمن حتى اتى إلى أبيه وهو جالس فساره فقال له ابن زياد. ما قال لك؟ قال. اخبرني ان ابن عقيل في دار من دورنا فنخسه ابن زياد بالقضيب في جنبه ثم قال. قم فأتني به الساعة.
قال أبو مخنف: فحدثني قدامة بن سعد بن زائدة الثقفي. ان ابن زياد بعث مع ابن الأشعث ستين أو سبعين رجلا كلهم من قيس عليهم عمرو بن عبيد الله ابن العباس السلمي حتى اتوا الدار التي فيها ابن عقيل فلما سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال عرف انه قد اتى فخرج إليهم بسيفه فاقتحموا عليه الدار فشد عليهم كذلك فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق السطوح وظهروا فوقه فأخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النيران في أطنان القصب ثم يقذفونها عليه من فوق السطوح فلما رأى ذلك قال. أكلما أرى من الاجلاب لقتل ابن عقيل؟ يا نفس أخرجي إلى الموت الذي ليس منه محيص فخرج - رضوان الله عليه - مصلتا سيفه إلى السكة فقاتلهم فأقبل عليه محمد بن الأشعث فقال. يا فتى لك الأمان لا تقتل نفسك. فأقبل يقاتلهم وهو يقول:
أقسمت لا اقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا أخاف ان اكذب أو اغرا * أو يخلط البارد سخنا مرا رد شعاع الشمس فاستقرا * كل امرئ يوما ملاق شرا قال له محمد بن الأشعث: انك لا تكذب ولا تغر إن القوم ليسوا بقاتليك ولا ضاربيك وقد أثخن بالجراح وعجز عن القتال فانبهر واسند ظهره إلى دار بجنب تلك الدار فدنا منه محمد بن الأشعث فقال له. لك الأمان فقال له مسلم. آمن انا؟
قال. نعم أنت آمن فقال القوم جميعا. نعم غير عبيد الله بن العباس السلمي لأنه قال. " لا ناقة لي في هذا ولا جمل " وتنحى فقال ابن عقيل. إني والله لولا أمانكم ما وضعت يدي في أيديكم. واتى ببغلة فحمل عليها فاجتمعوا عليه فنزعوا سيفه من عنقه فكأنه أيس من نفسه فدمعت عينه وعلم أن القوم قاتلوه وقال. هذا أول الغدر.