فقال له محمد بن الأشعث: أرجو الا يكون عليك بأس.
فقال: ما هو إلا الرجاء فأين أمانكم (إنا لله وإنا إليه راجعون) وبكى.
فقال له عبيد الله ابن العباس السلمي. إن مثلك ومن يطلب مثل الذي طلبت إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك قال. إني والله ما أبكي لنفسي ولا لها من القتل ارثي وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفا، ولكني أبكي لأهلي المقبلين إلي أبكي للحسين وآل الحسين، ثم اقبل على ابن الأشعث فقال: إني والله أظنك ستعجز عن أماني وسأله بن يبعث رسولا إلى الحسين بن علي يعلمه الخبر ويسأله الرجوع فقال له ابن الأشعث: والله لأفعلن.
قال أبو مخنف: فحدثني قدامة بن سعد: ان مسلم بن عقيل حين انتهى به إلى القصر رأى قلة مبردة موضوعة على الباب فقال أسقوني من هذا الماء. فقال له مسلم بن عمر وأبو قتيبة بن مسلم الباهلي: أتراها ما أبردها؟ فوالله لا تذوق منها قطرة واحدة حتى تذوق الحميم في نار جهنم.
فقال له مسلم بن عقيل: ويلك ولأمك الثكل ما أجفاك وأفظك وأقسى قلبك أنت يا بن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم ثم جلس وتساند إلى الحائط.
قال أبو مخنف: فحدثني أبو قدامة بن سعدان عمرو بن حريث بعث غلاما له يدعى سليما فأتاه بماء في قلة فسقاه. قال وحدثني مدرك بن عمارة: ان عمارة بن عقبة بعث غلاما يدعى نسيما فأتاه بماء في قلة عليها منديل وقدح معه فصب فيه الماء ثم سقاه فأخذ كلما شرب امتلأ القدح دما فأخذ لا يشرب من كثرة الدم فلما ملا القدح ثانية ذهب يشرب فسقطت ثنيتاه في القدح فقال: الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم لشربته.
قال: ثم ادخل على عبيد الله بن زياد - لعنه الله - فلم يسلم عليه فقال له الحرس ألا تسلم على الأمير؟ فقال: إن كان الأمير يريد قتلي فما سلامي عليه؟ وإن كان لا يريد قتلي فليكثرن سلامي عليه. فقال له عبيد الله - لعنه الله -: لتقتلن. قال