وتجدر الإشارة إلى أن هذه المؤلفات قد ضاعت جميعا، ولم نعثر حتى الوقت الحاضر على شئ منها، سوى كتابي الأغاني ومقاتل الطالبيين. وكفى بهذين الكتابين مجدا يبقى ذكر أبي الفرج خالدا على كر الأعوام ومر العصور.
13 - تشيعه:
وأبو الفرج كان شيعي الهوى والعقيدة، على مذهب الزيدية المعروف، وقد نص على تشيعه أكثر مترجميه، ومنهم معاصره القاضي التنوخي، فقد ذكر في كتابه نشوار المحاضرة انه من المتشيعين الذين شاهدهم، وقال ابن شاكر في عيون التواريخ انه كان ظاهر التشيع، وكذلك نص على تشيعه الحر العاملي في أمل الآمل والخونساري في روضات الجنات.
اما ابن الأثير في كتابه الكامل فقال إنه كان شيعيا، ولكنه رأى في تشيعه مدعاة للاستغراب، فقال: " وهذا من العجب. " ولعل موضع العجب عند ابن الأثير كون أبي الفرج من صميم الأسرة الأموية، فكيف صار إذن على مذهب الشيعة؟ مع كل ما عرفه التاريخ من ألوان العداء ثم الخصومة السياسية والدينية التي اشتجرت نيرانها طويلا بين الأمويين والعلويين.
وفي الواقع ان الرأي - أي رأي - لا يعرف وطنا ولا جنسية، كما أن العقيدة لا دخل لها في نسب المرء أيا كان هذا النسب. فمهما كان العداء التقليدي بين شيعة الأمويين وشيعة العلويين متين الأسباب طويل الآماد، فهو لا يحول ابدا دون ان نجد بين الفريقين من يعطف أحدهما على الآخر. ولقد رأينا في الأمويين أكثر من واحد لا يرى رأى أهله ولا يعتقد عقيدة قبيله.