يغادي بصر من العاصفات * أو دمق مثل وخز الإبر (1) وسكان دارك ممن أعول * يلقين من برده كل شر فهذي تحن وهذي تئن * وأدمع هاتيك تجري درر (2) إذا ما تململن تحت الظلام * تعللن منك بحسن النظر ولاحظن ربعك كالممحلين * شاموا البروق رجاء المطر يؤملن عودي بما ينتظرن * كما يرتجى آئب من سفر فانعم بانجاز ما قد وعدت * فما غيرك اليوم من ينتظر وعش لي وبعدي فأنت الحياة * والسمع من جسدي والبصر وفي هذا الشعر - كما يلاحظ القارئ - سلاسة وعذوبة، وفيه كذلك ترسل أشبه ما يكون بالسهل الممتنع، وفيه أخيرا أجمل ما تكون الألفاظ المنتقاة والمعاني الأصلية المناسبة، ولا يكاد القارئ يتمالك نفسه من مشاركة الشاعر في أحاسيسه التي لونها ورسمها بمثل هذه الصورة المشوقة البارعة. وعلى اية حال فان شعر أبي الفرج - كما هو في تعبير الثعالبي - يجمع اتقان العلماء وإحسان ظرفاء الشعراء.
7 - إباؤه ولم يكن أبو الفرج يرضى لنفسه إلا الاجلال والاحترام، ولا يصبر على اي تهاون في ذلك يلقاه حتى من أكابر الدولة ورؤوس الملك في بغداد.
وحين عرف أبو الفرج أبا الفضل بن العميد، وزير ركن الدولة البويهي - في وقت كان أبو الفرج كاتبا لركن الدولة، جرى بين الرجلين ما يجري عادة بين رجال السياسة التقليدية من التنافس والشحناء، وكان أبو الفرج يتوقع من ابن