فلما بلغ عبيد الله إقباله تحرز في القصر وغلق الأبواب واقبل مسلم حتى أحاط بالقصر، فوالله ما لبثنا إلا قليلا حتى امتلأ المسجد من الناس والسوقة ما زالوا يتوثبون حتى المساء فضاق بعبيد الله امره ودعا بعبيد الله بن كثير بن شهاب الحارثي وأمره ان يخرج فيمن اطاعه من مذحج فيخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم الحرب وعقوبة السلطان فأقبل أهل الكوفة يفترون على ابن زياد وأبيه.
قال أبو مخنف: فحدثني سليمان بن أبي راشد عن عبد الله بن حازم البكري قال: أشرف علينا الاشراف وكان أول من تكلم كثير بن شهاب. فقال:
أيها الناس الحقوا بأهاليكم ولا تعجلوا انتشروا ولا تعرضوا أنفسكم للقتل فهذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت وقد أعطى الله الأمير عهدا لئن أقمتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيتكم هذه ان يحرم ذريتكم العطاء يفرق مقاتليكم في مغازي الشام على غير طمع ويأخذ البرئ بالسقيم والشاهد بالغائب حتى لا يبقى فيكم بقية من أهل المعصية إلا أذاقها وبال ما جنت. وتكلم الاشراف بنحو من كلام كثير، فلما سمع الناس مقالتهم تفرقوا.
قال أبو مخنف: حدثني المجالد بن سعيد: ان المرأة كانت تأتي ابنها وأخاها فتقول: انصرف الناس يكفونك ويجئ الرجل إلى ابنه وأخيه فيقول: غدا يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر؟ انصرف فمازالوا يتفرقون وينصرفون حتى أمسى ابن عقيل وما معه إلا ثلاثون نفسا حتى صليت المغرب فخرج متوجها نحو أبواب كندة فما بلغ الأبواب إلا ومعه منها عشرة ثم خرج من الباب فإذا ليس معه منهم إنسان فمضى متلددا في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب حتى خرج إلى دور بني بجيلة من كندة فمضى حتى اتى باب امرأة يقال لها طوعة أم ولد كانت للأشعث وأعتقها فتزوج بها أسيد الحضرمي، فولدت له بلالا وكان بلال قد حرج مع الناس وأمه قائمة تنتظر فسلم عليها ابن عقيل فردت السلام فقال لها: اسقيني ماء فدخلت فأخرجت إليه فشرب ثم أدخلت الإناء وخرجت وهو جالس في مكانه فقالت: ألم