شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ١٦
قوله (والنصيحة لأئمة المسلمين) النصيحة إرادة الخير للمنصوح والمراد بها طاعة الأئمة وإعانتهم على الحق وتأليف القلوب إلى انقيادهم والصلاة خلفهم والجهاد معهم وبالجملة إرادة كل ما هو خير في الدنيا والآخرة لهم وترك الغش عليهم ويمكن تعميم الأئمة بحيث يتناول العلماء أيضا، ومن النصح لهم قبول رواياتهم والرجوع إليهم في الأحكام وحسن الظن بهم والذب عنهم وعن أعراضهم وتوقيرهم وجلب المنافع المشروعة إليهم وسد خلتهم وترك حسدهم وغشهم ودفع الضرر عنهم.
قوله (و اللزوم لجماعتهم) أي الحضور فيها والدوام عليها والاهتمام بها على قدر الإمكان وانما خص الثلاثة المذكورة بالذكر لأنها أصول لجميع الخيرات وفروع للإيمان الحقيقي بالله وبرسوله وباليوم الآخر.
قوله (فان دعوتهم محيطة من ورائهم) تعليل للزوم الجماعة وترغيب في حضورها والدعوة أخص من الدعاء لأنها للمرة الواحدة، والمراد أن دعوتهم تحيط بهم أي تحدق بهم من جميع جوانبهم وتحفظهم من جميع جهاتهم، يقال: حاطه يحوطه حوطا وحياطة إذا حفظه وذب عنه، وأحاط به إذا أحدقه من جميع جوانبه، ومنه قولك: أحطت به علما أي أحدق علمي به من جميع جهاته وعرفه من كل وجه.
قوله (والمسلمون إخوة تتكافى دماؤهم) أي يتساوى في القصاص والجنايات والديات لا تفاوت بين الشريف والوضيع، وا لكفؤ النظير والمساوي.
قوله (و يسعى بذمتهم أدناهم) المراد بالذمة عهد الأمان الذي يجعله بعض المسلمين للعدو، يعني إذا أعطى أحد من المسلمين وإن كان أدناهم العدو أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين (1)

١ - قوله «جاز ذلك على جميع المسلمين» يعني وجب على جميع المسلمين الوفاء بعهد آحادهم في الأمان فالجواز بمعنى المضي و يصير الحربي بالأمان محقون الدم و مصون المال بل شبهة الأمان أيضا كذلك، وحاصل الكلام: أن الكافر الحربي الذي يحل ماله و دمه ولا حرمة له إنما هو غير المعاهد وغير صاحب الشبهة فلا يجوز قتله غيلة و اختلاس أمواله حين يعتقد كونه مصونا و لا يحترز فإذا دخل بلدا بظن الأمن واعتقاد أنه لا يتعرض له أحد من المسلمين و لو لشبهة غلط فيها فهو آمن، وإنما يجوز قتل من يحتمل القتل و يمكنه التحرز ومع ذلك لا يبالي و يلقي بنفسه إلى التهلكة حتى يكون عهدة هلكه عليه. قال العلامة (رحمه الله) في القواعد: كل موضع حكم فيه بانتفاء الأمان إما لصغر العاقد أو جنونه أو لغيره ذلك فإن الحربي لا يغتال بل يرد إلى مأمنه ثم يصير حربيا، وكذا لو دخل بشبهة الأمان مثل أن يسمع لفظا فيعتقده أمانا أو يصحب رفقة أو يدخل في تجارة إلى آخره. فعقد الأمان إما صحيح وإما باطل، وللصحيح شرائط مذكورة في الفقه منها أن آحاد المسلمين يجوز لهم عقد الأمان لآحاد الكفار و لا يجوز عاما لجميع الكفار ولا لأهل إقليم و لا لبلد و لا لقرية وحصن وإنما ذلك خاص بالإمام ومن نصبه له و خص بعضهم عقد الآحاد بالعشرة فما دون من الكفار و لا يجوز للواحد التجاوز عن العشرة فان كان تخصيصهم مستفادا من لفظ الآحاد وأنه في مقابل العشرات و المئات فالمستند ضعيف، وإن كان لنص فإنا لم نره، وإن كان لإجماع فلم يثبت لنا، والحق أن ذلك غير خاص بعدد نعم نعلم عدم جواز تأمين الآحاد للحصن والقرية وأمثالهما بالسيرة والعادة و أنه لو جاز تأمين الآحاد لحصن أو قرية من الكفار لبطل أمر الجهاد والحصار وتشوشت عساكر المسلمين وفسد الأمر على الامام، وأما إن كان عقد الأمان فاسدا و صار شبهة للكفار فدخلوا بلاد الإسلام باعتقاد الأمن لم يجز سلب مالهم و قتلهم ولا الخيانة في أماناتهم و ودايعهم كما استفيد من عبارة القواعد، بل للإمام الحق أن يبلغهم مأمنهم و لسائر المسلمين أن لا يتعرضوا لهم، و منه يعلم حكم الكفار الذين يدخلون بلاد الإسلام في زماننا باعتقاد الأمن وشبهة المعاهدات الدولية وضمان الحكومات سواء كانوا تجارا أو سفراء أو عابري سبيل أو لغير ذلك من الأغراض وإن لم يكونوا ذميين و لا معاهدين بعهد صحيح صادر عمن هو أهله، والله العالم. (ش)
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417