شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٩٥
شيء هو؟» فقد أخلى منه ساير الأشياء; لأن من قال: هو فوق شيء بمعنى الاستقرار عليه فقد قال بقرب نسبته إلى ذلك الشيء وبعدها عن أشياء آخر أو فقد أخلى منه سائر الأمكنة لأن السؤال ب‍ «على م» مستلزم لتجويز خلو بعض الجهات عنه واختصاصه بالجهة المعينة. وقيل: المراد أخلى منه ذلك الشيء الحامل لضرورة أن المحمول يكون خارجا عن حامله، وفيه نظر.
(ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه) أي فقد جعله في ضمن غيره سواء سأل عن حصوله في المكان كحصول الجسم فيه، أو عين حصوله في الموضوع كحصول العرض فيه، أو عن حصوله في الكل كحصول الجزء فيه، وجعله ضمن الغير باطل لأنه إن افتقر إلى ذلك الغير لزم الإمكان، وإن لم يفتقر إليه أصلا فهو غني عنه مطلقا، والغني المطلق يستحيل حلوله في شيء واتباعه له في الوجود، ولأن حصوله في ضمن الغير، إن كان من صفات كماله لزم اتصافه بالنقص قبل وجود ذلك الغير وإن لم يكن من صفات كماله كان حصوله فيه مستلزما لاتصافه بالنقص.
* الأصل:
6 - ورواه محمد بن الحسين، عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد الله مولى بني هاشم قال: كتبت إلى أبي إبراهيم (عليه السلام) أسأله عن شيء من التوحيد. فكتب إلى بخطه: الحمد لله الملهم عباده حمده - وذكر مثل ما رواه سهل بن زياد إلى قوله - وقمع وجوده جوائل الأوهام - ثم زاد فيه -: أول الديانة به معرفته، وكمال معرفته توحيده، وكمال توحيده نفي الصفات عنه، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة الموصوف أنه غير الصفة وشهادتهما جميعا بالتثنية الممتنع منه الأزل، فمن وصف الله فقد حده، ومن حده فقد عده ومن عده فقد أبطل أزله، ومن قال: كيف؟ فقد استوصفه، ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه، ومن قال على م؟ فقد جهله، ومن قال: أين؟ فقد أخلا منه، ومن قال: ما هو؟ فقد نعته، ومن قال: إلى م؟ فقد غاياه، عالم إذ لا معلوم، وخالق إذ لا مخلوق، ورب إذ لا مربوب، وكذلك يوصف ربنا وفوق ما يصفه الواصفون.
* الشرح:
(ورواه محمد بن الحسين، عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد الله مولى بني هاشم قال: كتبت إلى أبي إبراهيم (عليه السلام) أسأله عن شيء من التوحيد فكتب إلي بخطه: الحمد لله الملهم عباده حمده - وذكر مثل ما رواه سهل بن زياد إ لي قوله - وقمع وجوده جوايل الأوهام - ثم زاد فيه - أول الديانة به معرفته) الديانة مصدر بمعنى الإطاعة والانقياد يقال: دان بكذا ديانة فهو متدين، والدين ما يتدين به الرجل والملة والورع، وشاع ذلك في الشرع إطلاقه على الشرايع الصادرة بواسطة الرسل (عليهم السلام)، واعلم أن معرفة الصانع على مراتب: الأولى وهي أدناها أن يعرف إن لهذا العالم صانعا ويصدق بوجوده، الثانية
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست