الباطن الخفي بسبب أنه لا يدرك ذاته العقول والأفهام ولا ينال صفاته الحواس والأوهام لا بسبب استتاره في شيء أو احتجابه بحجاب.
(والظاهر) أي الظاهر وجوده بالاشراقات العقلية والتجليات الذهنية والتدبيرات التي له في كل ذرة من الموجودات إذ كل شيء دليل على وجوده ومرآة لظهوره.
(الباين لا بتراخي مسافة) أي مباين للأشياء متباعد منها لا بتباعد أين ولا بتراخي مسافة وبينها; لأن ذلك من خواص الأينيات بل بذاته وصفاته حيث إن ذاته لا تماثل بذوات شيء من الموجودات وصفاته لا تشابه بصفات شيء من الممكنات (أزله نهية لمجاول الأفكار) النهية بضم النون وسكون الهاء وفتح الياء المثناة من تحت اسم من نهاه ضد أمره. وفي بعض النسخ «نهي» بدون التاء. والمجاول بالجيم جمع مجول بفتح الميم وهو مكان أو زمان من المحاولة وفي المصادر: المحاولة: «جستن وخواستن» يعني أزله ينهى ويمنع أن يتحقق محل لجولان الأفكار الطالبة لمعرفة ذاته وصفاته أو الطالبة لمعرفة أوله، أما على الأول فلأن غاية سير الأفكار هي أو اخر منازل الإمكان ولا محل لسيرها في الأزل حتى يعرف حقيقة الأزلي من حيث الذات والصفات، وأما على الثاني فلأن الأزل عبارة عن عدم الأولية ومن ليس لوجوده أول لم يكن للفكر محل يجول فيه لطلب أوله.
(ودوامه ردع لطامحات العقول) الردع: المنع والكف، والعقول الطامحة هي المرتفعة إلى أقصى مدارج كمالها وإدراكها، يعني دوامه الأبدي وبقاؤه السرمدي يمنع العقول الكاملة ويكفها عن الوصول إلى آخره لضرورة أن الشيء المعلوم الوقوع يمنع العاقل من طلب نقيضه.
(قد حسر كنهه نوافذ الأبصار) حسر البعير يحسر حسورا أعيى، وحسرته أنا يتعدى ولا يتعدى والأول هو المراد هنا; لأن كنهه فاعله ونوافذ الأبصار مفعوله يعني أعيى وأعجز كنهه الأبصار النافذة العقلية عن إدراكه فإن البصيرة العقلية وإن كانت قوية نافذة إنما تنفذ فيما يمكن نفوذها فيه مما هو في