باب السعادة والشقاء الشقاء والشقاوة خلاف السعادة، سعد الرجل بالفتح والكسر فهو سعيد، وبالضم والكسر فهو مسعود. والسعيد فسره الآبي بأنه من يدخل الجنة وإن أردت زيادة توضيح فنقول: السعادة والشقاوة حالتان متقابلتان للإنسان ولهما أثر وسبب قريب وسبب بعيد، أما الأثر فهو استحقاق الثواب والعقاب، وأما السبب القريب فهو الإتيان بالخيرات التي أشرفها الإيمان والاتيان بالشرور التي أخسها الكفر وقد يطلق السعادة والشقاوة على نفس هذا السبب أيضا، وقول الصادق (عليه السلام) السعادة سبب خير يمسك به السعيد فجره إلى النجاة، والشقاوة سبب خذلان يمسك به الشقي فجره إلى الهلكة، وكل بعلم الله، يحتمل الأمرين، وأما السبب البعيد فهو ما أشار إليه مولانا الباقر (عليه السلام) بقوله: «إن الله جل وعز قبل أن يخلق الخلق قال كن ماء عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي، وكن ملحا أجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي، ثم أمرهما فامتزجا فمن ثم صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن - الحديث» فإن هذين الماءين سبب لاقتدار الإنسان بالخير والشر وتكليفه وامتحانه بهما ومبدأ لاستعداده لقبول السعادة والشقاوة وميله إليهما ولا يقتضي ذلك الجبر; لأن الجبر إنما يلزم لو خلقه من ماء أجاج وحده فإن ذلك كان يوجب انتفاء القدرة على الخير، والظاهر أنهما يطلقان على هذا السبب أيضا، وبالجملة هما في الحقيقة الحالتان المذكورتان، وإطلاقهما على السببين المذكورين على سبيل التوسع من باب تسمية السبب باسم المسبب.
* الأصل:
1 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله خلق السعادة والشقاء قبل أن يخلق خلقه فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا وإن عمل شرا أبغض عمله ولم يبغضه، وإن كان شقيا لم يحبه أبدا وإن عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه، فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه أبدا، وإذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا.
* الشرح:
(محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان (1)، عن صفوان يحيى، عن بن منصور ابن حازم عن أبي