شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٩٤
ذاته فقد حده بالكثرة، أو من وصفه بأنه معلوم له وزعم أنه وجد ذاته وأحاط بحقيقته فقد أوجب له حدا يقف الذهن عنده إذ الحقيقة إنما تعلم من جهة ما هي ويشير العقل إليها ويحيط بها إذا كانت مركبة وكل مركب محدود.
(ومن حده فقد عده) (1) لأن حده بأحد الوجهين المذكورين يستلزم تحقق الكثرة فيه، وكل ذي كثرة معدود من جملة المعدودات.
(ومن عدة فقد أبطل أزله) (2); لأن من عده من جنس من ذي الكثرة باعتبار الصفات أو باعتبار الذات فقد أدخله في الممكنات والمحدثات الغير المستحقة للأزلية بالذات فكان عده بأحد الاعتبارين مبطلا لأزله الذي يستحقه لذاته.
(ومن قال: أين فقد غياه) أي جعل له غايات وأطرافا ينتهي إليها; لأن ذلك من لوازم الأينيات كالجسم والجسمانيات.
(ومن قال على ما فقد أخلى منه) في بعض النسخ «على م» بحذف الألف أي ومن قال «على أي

1 - قوله: «ومن حده فقد عده» لوجهين; الأول: أن ذاته تتركب حينئذ من ماهية ووجود فيدخل العدد والكثرة في ذاته، والثاني أن الله تعالى إذا تخصص بحد وماهية كان في الوجود ماهية أخرى وحد آخر لا محالة في الوجود شيئان أحدهما الواجب بماهية وحد خاص به، والثاني الممكن بحد وماهية أخرى خاصة، ولزم الوحدة العددية التي أبطلناها، والوجه الأول أصح وأوفق بما يأتي إن شاء الله في رواية أخرى لهذا الكلام. (ش) 2 - قوله: «ومن عده فقد أبطل أزله» الأزل القدم والمراد هنا: القدم الذاتي وعدم الاحتياج إلى العلة، يعني: من أثبت له تعالى عددا فقد أبطل كونه قديما غير مخلوق; لأن كل معدود مخلوق وذلك; لأن الواجب تعالى وجود محض ولو كان له مهية كان معلولا كما قال صاحب المنظومة:
الحق ما هيته إنيته * إذ مقتضى العروض معلوليته فإن الوجود هو الذي يمتنع سلبه عنه لامتناع سلب كل شيء عن نفسه، وأما غير الوجود من ساير الماهيات فلا يمتنع سلب الوجود عنه كما نقلنا من حديث أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قريبا. وإذا كان هو الوجود المحض فلا ثاني له إذ ليس في الوجود شيء غير الوجود، فمن جعل له ماهية ووصفه فقد عده في عداد الكثرات، ومن عده في الكثرات أبطل كونه قديما غير محتاج; لأن كل معدود محتاج إذ له ثان في الوجود، والأصح أن من عده يعني به أدخل التجزية والتثنية في ذاته تعالى كما يأتي في رواية أخرى. (ش)
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست