ولعل ترك «ابن» في نسخ الكافي من تروك الناسخين والله أعلم.
(على أبي عبد الله (عليه السلام) فابتدأ) بالكلام من غير سؤال (فقال عجبا) نصبه على المصدر أي عجبت عجبا (لأقوام يدعون على أمير المؤمنين (عليه السلام)) في باب التوحيد (ما لم يتكلم به قط) (1) سبب التعجب عن ذلك أن ما نسبوه إليه (عليه السلام) كان السبب الباعث لهم على ذلك أمرا خفيا فصار ذلك محلا للتعجب ولذلك كلما كان الأمر أغرب وأسبابه أخفى كان أعجب، ولعل الغرض إظهار هذا التعجب تنفير الحاضرين عن مقالة هؤلاء الأقوام وتحريك نفوسهم إلى الاعتبار لئلا يقعوا فيما وقع هؤلاء.
ثم أشار على سبيل الاستيناف إلى براءة ساحته (عليه السلام) عما نسبوه إليه مع الإيماء إلى ذمهم في ترك ما ينبغي أن يأخذوه منه بقوله (خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس بالكوفة فقال: الحمد لله الملهم عباده حمده) حمد الله تعالى باعتبارات لا ينبغي إلا له: الأول: أنه ألهم عباده حمده على ذاته المنزهة عن لواحق الإمكان وصفاته المقدسة عن الزيادة والنقصان ونعمائه الفائضة على الإنس والجان، وآلائه المنثورة في عرصة الإمكان إذ لا يخلو أحد من نعمه في شيء من الأحوال، فلا يخلو من حمده بلسان الحال أو المقال كما قال جل شأنه (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) (وفاطرهم على معرفة ربوبيته) (2) إذ العقول البشرية مفطورة على الاعتراف بربوبيته كما دل عليه قوله تعالى (ألست بربكم؟ قالوا! بلى) وذلك لأنه تعالى وهب كل نفس قسطا من معرفته وفطرها على استعداد قبول كمال إلهيته حتى نفوس الجاحدين له فإنها أيضا اعترفت بربوبيته لشهادة أعلام الوجود وآيات الصنع بصدورها عنه حتى حكم صريح بديهتها إذا لم ينخدع من الوهم بالحاجة إلى رب صانع حكيم (الدال على وجوده بخلقه) إشارة إلى طريق الطبيعيين وهو الاستدلال بالنظر في المخلوقات وطبايعها وإمكانها وتكونها وحدوثها وقبولها للتغير والانتقال والتركيب والتحليل على وجود المبدأ الأول، وإلى هذا الطريق أشار خليل الرحمن كما هو المذكور في القرآن، والمتكلمون فرعوا هذا