شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٨١
وجوده في كل ذرة من الموجودات وارتباط إشراق جوده بكل معقول من المعقولات كما قال:
(وأشرقت الأرض بنور ربها) وقال: (أفي الله شك فاطر السماوات والأرض) ويحتمل أن يراد أنه حجب بعضها عن بعض بحجاب حسي ليعلم أنه ليس بينه وبين خلقه حجاب حسي وإلا لرفع التشبيه بالمحسوس في المحسوسية والوضع والجهة والجسمية، لأن الحجاب الحسي إنما يحجب من المحسوسات ذا الوضع والجهة والجسمية، والله سبحانه منزه عنها (كان ربا إذ لا مربوب) (1) إذ ظرفية على توهم الزمان أي كان ربا في الأزل ولم يكن شيء من المربوب موجودا فيه لأنه كان مالكا لأزمة الإمكان وتصريفه من العدم إلى الوجود ومن الوجود إلى العدم حيث شاء ومتى أراد.
(وإلها إذ لا مألوه) إذ كان في الأزل مستحقا للعبادة، ولا يتوقف هذا المعنى على وجود المألوه.
(وعالما إذ لا معلوم); لأن علمه بالأشياء عين ذاته وتقدم ذاته على معلولاته الحادثة ومعلوماته الكاينة ظاهر فظهر أنه كان عالما ولم يكن معلوم في الوجود سوى ذاته فهو كان في الأزل عالما ومعلوما وعلما ولم يكن معه شيء.
(وسميعا إذ لا مسموع) لأن سمعه عبارة علمه بالمسموعات وهو سبحانه كان في الأول عالما بها

1 - قوله: «كان ربا إذ لا مربوب» هذا متفرع على نفي الزمان عنه تعالى وعدم الحجاب بينه وبين خلقه وبيانه: أن الموجودين إن كانا زمانيين وكانا محجوبين كل عن الآخر لم يتصور أن يكون أحدهما يربي الاخر أو يشاهده أو يسمعه وأما إذا لم يكن شيء زمانيا ولم يحجب عن غيره وكان نسبة جميع الأزمنة اليه على سواء لم يفرق الماضي والحال والاستقبال بالنسبة إليه وكما هو عالم بما في الحال والماضي عالم بما في المستقبل وكما يتعلق تصرفه وتربيته بالنسبة إلى ما في الحال كذلك يتعلق بما في الاستقبال فهو رب إذ لا مربوب وهذا جزئي من فروع مسألة ربط الحادث بالقديم ولا يتعقله الماديون وأهل الظاهر وأصحاب الأوهام البتة لكونهم في الزمان ولا يتصورون شيئا محيطا بالأزمنة كما لا يتصورون شيئا لا يكون في مكان أو حيز ولا يتعقلون كون الخلاء مخلوقا وكون الفضاء متناهيا كذلك لا يتصورون شيئا إلا في زمان حتى أن وجود الواجب تعالى عندهم شيء مستمر متصل قابل للتطبيق على الأزمنة وأجزائها وإن لم يكن فيه تغيير ظاهر، وإن تفوهوا بعدم ثبوت زمان له تعالى فإن معناه غير ثابت عندهم وغير معقول لديهم ويقولون لو لم يكن في الدنيا تغير وحركة أصلا بل كان أجسام ثابتة على حال واحدة جميعا يتصور زمان من استمرار وجودها وهذا غير معقول، نعم اننا لممارستنا طول حياتنا أمورا متغيرة ارتكز في أذهاننا معنى الزمان فإذا تصورنا شيئا غير متغير قايسنا بينه وبين الزمان المرتكز في ذهننا من سابق علمنا بالأشياء المتدبرة وظننا لزوم ثبوت الزمان واقعا للأشياء، ولو فرضنا رجلا خلق دفعة ولم ير متغيرا أصلا ولم يكن طفلا حتى يشب ويكهل ويشيب ولا يرى ليلا ولا نهارا وشمسا وقمرا ولا شيئا من هذه المتغيرات أصلا لم يكن معنى الزمان المنقضي مرتكزا في خاطره، ولم يضطر إلى تصور استمرار الوجود والزمان في الباري تعالى. (ش)
(١٨١)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست