كأنها غرزت فيها، وضمير التأنيث في مغرزها يرجع إلى ذي الحال أو إلى الغرائز، والمراد بتغريز تلك الغرائز إيجادها في الأشياء على سبيل الاستعارة التحقيقية للمشابهة بينها وبين العود الذي يركز في الأرض من جهة الغاية ومن جهة المبدأ، فكما أن العود يثمر ثمرا منتفعا بها كذلك الغرائز تثمر الآثار الموافقة لنظام العالم كقوة التعجب والضحك والإدراك للإنسان والشجاعة للأسد والجبن للأرنب والمكر للثعلب (1) إلى غير ذلك مما تعلم ولا يعلم من آثار طبايع هذا العالم وخواصها فدلت تلك الأشياء بسبب الغرائز المركوزه فيها والطبايع المغروزة فيها أن لا غريزة لمغرز تلك الغرائز وموجدها ضرورة أن ذات الخالق الواجب بالذات مغايرة لذوات المخلوقات غير مشابهة بغرايزها المخلوقة وإلا لكان هو ممكنا مخلوقا مثلهم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها) (2) يعني أن الله تعالى قدر الأشياء بالعلم الأزلي وربط كل ذي