شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٦٧
الخالص، وبحقايق الإيمان: التصديقات اليقينية التي هي أركان الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر مثل التصديق بوجوده ووحدانيته وقدرته وعلمه إلى غير ذلك من التصديقات الداخلة في حقيقة الإيمان، أو المراد بها الأنوار العقلية الناشية من الإيمان، فإن الإيمان إذا حصل واستقر في قلب متقدس طاهر حصل في القلب نور يشاهد به الرب كمشاهدة العيان، والباء للاستعانة أو للملابسة.
(ويلك يا ذعلب إن ربي لطيف اللطافة) تأكيد للطافته، ولطافته باعتبارين، أحدهما: تصرفه في ذوات الأشياء الدقيقة الخفية وصفاتها تصرفا بفعل الأسباب المعدة لوجوداتها وإفاضة كمالاتها، والثاني: جلالة ذاته وصفاته عن أن يدركها العقول والحواس ويتطرق إليه التحديد والقياس (لا يوصف باللطف) المعروف في الخلق وهو رقة القوام وصغر الحجم وعدم اللون والاشتمال على الصنع الغريب (عظيم العظمة) عظمته عبارة عن تسلطه وجريان حكمه على جميع ما عداه لكونه مبدأ شأن كل ذي شأن ومنتهى سلطان كل ذي سلطان، فلا سلطان أعظم من سلطانه ولا شأن أرفع من شأنه (لا يوصف بالعظم) المعروف في الخلق وهو كبر الحجم والمقدار التابع لزيادة الامتداد في الجهات (كبير الكبرياء) أي رفيع القدر على الإطلاق إذ لا قدر أرفع من قدره (لا يوصف بالكبر) المعروف في الخلق وهو العلو في السن والبسطة في الجسم والزيادة في المقدار (جليل الجلال) أي عظيم القدرة وشديد القوة لا مانع لنفاذ قدرته ولا دافع لإمضاء قوته (لا يوصف بالغلظ) لأن الغلظ من نعوت الجسم، والفظاظة من صفات النفس الحيوانية وجلال الحق منزه عنهما، ولما كانت لهذه الألفاظ أعني اللطيف ونظايره المذكورة معان صحيحة له تعالى غير معروفة أخرج (عليه السلام) هذه الألفاظ بالسلوب المذكورة عن المعاني المعروفة إلى غيرها بل عن حقيقتها إلى مجازها لتنزيه الحق عن الكيفيات الجسمانية وتنبيه السائل على عدم إمكان رؤيته بالعين; لأن المرئي بالعين لا ينفك عن هذه الكيفيات.
(قبل كل شيء) لأنك إذا لاحظت ترتيب الوجودات في سلسلة الحاجة إليه سبحانه وجدته تعالى بالإضافة إليها أنه قبلها إذ كان انتهاؤها في تلك السلسلة إلى عنايته ووجوده الحق فهو قبل بالعلية والذات والشرف.
(لا يقال شيء قبله) إذ لما لم يكن بذي مكان فالتقديم بالمكان منفي عنه والزمان يتأخر عنه إذ هو من لواحق الحركة المتأخرة عن الجسم المتأخر عن علته فلم يلحقه القبلية والزمانية ولا القبلية المكانية، فلم يكن شيء قبله مطلقا لا من الزمانيات ولا من غيرها.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست