شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٧٦
ودلالتهما على وجود المؤلف والمفرق الصانع لهذا العالم مفاد هذه الآية الشريفة ومضمونها أما أولا فلما ذكره بعض المفسرين من أن المقصود أنه تعالى خلق كل جنس من أجناس الموجودات نوعين وهما زوجان; لأن كل واحد منهما مزدوج بالآخر كالذكر والأنثى، والسواد والبياض (1) والنور والظلمة، والليل والنهار، والحار والبارد، والرطب واليابس، والسماء المرفوعة، والأرض الموضوعة، والشمس والقمر، والثوابت والسيارات، والسهل والجبل، والبر والبحر، والصيف

1 - قوله: «والسواد والبياض» والمناقشة في بعض هذه الأمثلة غير ضارة بأصل المقصود، والغرض أن هذه الأمور المتضادة مؤثرة في تحصيل الاستعداد للمواد حتى تتهيأ لقبول الصورة الكمالية، فالنور مؤثر لدفعه الظلمة عن بعض المواد، وجرب أن النباتات لا تنمو في الظلمة وبعض الحشرات لا تتولد في النور المحض، فالظلمة مؤثرة فيها بدفعها النور عنها والحرارة مهيئة لبعض المواد حيث لا تقبل الصورة الكمالية إلا بالحرارة كبعض الحيوانات وبيض الدجاج لا تنفلق عن الفراريج إلا بحفظها مدة في حرارة ثابتة وهكذا كل شيء حاصل من مدافعة الأمور المتضادة بعضها بعضا، والحكم والمصالح التي روعيت بعناية الصانع الحكيم في هذا التفريق والتأليف دالة على حكمته وعلمه وقدرته، وزعم بعض الجهلة أن الاستدلال بجمع المتضادين من جهة خرق العادة وذلك لأنهم يظنون الطبيعة والعادة شيئا وإرادة الله ومشيئته شيئا مضادا لهما فإن رأوا الأشياء جارية على مجرى العادة كالنار تحرق والماء يسيل إلى المنحدر لم ينسبوا فعلهما إلى الله تعالى إلا بالمجاز والتخلية والتفويض، وإن رأوا النار صارت بردا وسلاما، والماء جرى إلى فوق نسبوه إلى الله تعالى وزعموا أن الجمع بين المتضادين بمعنى تركيب شيء من الثلج والنار مثلا بحيث لا يطفئ النار ولا يذاب الثلج، والحق أن جميع أفعال الطبايع ومجاري العادات بمشيئة الله تعالى وليست إرادته ضدا للطبيعة ولا الطبيعة ضدا لإرادته تعالى، ولا مؤثر في الوجود إلا هو سواء كان على مجرى العادة أو غيرها. (ش)
(١٧٦)
مفاتيح البحث: الزوج، الزواج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست