والشتاء، والجن والإنس، والعلم والجهل، والشجاعة والجبن، والجود والبخل، والإيمان والكفر، والسعادة والشقاوة، والحلاوة والمرارة، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والضحك والبكاء، والفرح والغم، والحياة والموت، إلى غير ذلك مما لا يحصى، وفايدة هذا التفريق دلالتهم على التذكر بأن لهذه الأشياء موجدا وأن موجده واحد إذ التعدد والانقسام والأزواج من خواص الممكنات.
وأما ثانيا فلأن كل شيء سواه زوج تركيبي من الذات والوجود الزايد عليها مثلا وانحلاله إليهما وكل واحد منهما مزدوج بالآخر وزوج لصاحبه وهما زوجان، والتفريق بينهما مع كونهما متقاربين في قبول الإمكان والمجعولية بجعل هذا شيئا وذاك شيئا آخر، ثم التأليف بينهما بجعل الثاني عارضا للأول تحصيلا لتحققه في الخارج مذكر واضح ودليل قاطع على وجود الصانع المفرق والمؤلف بينهما لضرورة أن الذات القابلة للوجود الزائد عليها ليس التفريق بينهما ولا انضمام الوجود إليهما بمستندين إليها; لأن المعدوم لا يوجد نفسه فوجب استنادها إلى الغير، وهو ما ذكرنا.
(ففرق بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل ولا بعد له) هذا مثال للتفريق بين المتدانيات فإن الله سبحانه فرق بين أجزاء الزمان وبين الزمانيات مع التداني بينها في كونها زمانا وزمانية بأن جعل بعضها قبلا وبعضها بعدا حتى أن لكل قبل منها بعدا ولكل بعد منها قبلا ليعلم أن لا قبل له تعالى ولا بعد له وإلا لكان هو مشابها بخلقه فيكون ممكنا، والتالي باطل (شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها) شاهدة عطف على دالة بحذف العاطف فهي أيضا حال عما ذكر. والغريزة الطبيعة التي طبع عليها الأشياء (1)