أن لا ضد له تعالى لأنه الخالق للأضداد، فلو كان له ضد لكان خالقا لنفسه ولضده وهو محال ولأن الضدين هما الأمران اللذان يتعاقبان على محل واحد ويمتنع اجتماعهما فيه فلو كان بينه وبين غيره تضاد لكان محتاجا إلى محل يحل فيه وهو محال.
(وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له) (1) لأنه تعالى لما كان خالقا للمقارنات ومبدأ المقارنة بينها لم يجز أن يكون له قرين وإلا لكان خالقا لنفسه ولقرينه وأنه محال، ولأن المقارنة من باب الإضافة والمضاف من حيث هو مضاف كان وجوده متعلقا بوجود الغير، فلو كان للواجب قرين كان وجوده متعلقا بوجود قرينه، فلم يكن واجب الوجود، هذا خلف.
(ضاد النور بالظلمة) تأكيد لقوله «وبمضادته بين الأشياء» وتقرير له، وفي كونهما ضدين خلاف بين العلماء مبني على كون الظلمة أمرا وجوديا أو عدميا، والأقرب أنها أمر وجودي مضاد للنور على أنه لو كان أمرا عدميا فالظاهر أنها عدم الملكة لا عدم صرف، فجاز أن يطلق عليها أنها ضد للنور مجازا (2).
(واليبس بالبلل) اليبس بالضم مصدر وبالفتح اليابس، والثاني هنا أنسب بقرينة مقابلته مع البلل وهو بالتحريك: ما فيه الندى والرطوبة وهما متضادان باعتبار اتصافهما باليبوسة والرطوبة وقد يستعملان للكناية عن الشدة والرخاء، كما صرح به الزمخشري في الفايق، وبين هذين المعنيين أيضا تضاد.
(والخشن باللين) الخشن بفتح الخاء وكسر الشين واللين بالفتح والتشديد وقد يخفف متضادان باعتبار الخشونة واللين بالكسر والسكون.
(والصرد بالحرور) الصرد بالفتح والسكون البرد فارسي معرب والحرور بالفتح الريح الحارة وهي بالليل كالسموم بالنهار. وقال أبو عبيدة: الحرور بالليل وقد يكون بالنهار، والسموم بالنهار وقد يكون بالليل، وهما أيضا متضادان باعتبار اشتمالهما على البرودة والحرارة.
(مؤلف بين متعادياتها) مؤلف بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو مؤلف، وهو الموافق لما في كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام). وفي بعض النسخ: مؤلفا بالنصب على أنه حال عن فاعل «ضاد»