(والابتداء أزله) أي سبق أزله الابتداء; وذلك لأن الأزل عبارة عن عدم الأولية والابتداء، وذلك أمر يلحق واجب الوجود لما هو بحسب الاعتبار العقلي وهو ينافي لحوق الابتداء والأولية لوجوده، فاستحال أن يكون له ابتداء لا متناع اجتماع النقيضين، بل سبق في الأزلية ابتداء ما كان له ابتداء وجود من الممكنات وهو مبدؤها ومصدرها.
(بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له) (1) وذلك لأنه تعالى لما خلق المشاعر وأوجدها ذوات شعور وإدراك وهو المراد بتشعره لها امتنع أن يكون له مشاعر وإلا لكان وجودها إما من غيره وهو محال أما أولا فلأنه مشعر المشاعر، وأما ثانيا فلأنه يلزم أن يكون في كماله وإدراكه محتاجا إلى غيره وهو محال، وإما منه وهذا أيضا محال لأ نها إن كانت من كمالاته كان موجدا لها من حيث إنه فاقد كمال فكان ناقصا بذاته وهو محال، وإن لم يكن من كمالاته كان إثباتها له نقصا; لأن الزيادة على كمال نقص فكان إيجادها له مستلزما لنقصانه وهو أيضا محال.
(وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له) أي بإيجاده المهيات الجوهرية وجعلها جواهر في الأعيان عرف أنه ليس بجوهر ولا مهية جوهرية إذ هي مهية إذا وجدت (2) في الخارج لم تفتقر في وجودها العيني إلى موضوع، ولا خفاء في أن وجودها زائد عليها، وليس وجود الواجب زائد عليه، بل هي عين ذاته الحقة الأحدية من كل جهة، فلا يكون له مهية جوهرية.
(وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له) يعني بجعله بعض الأشياء ضدا لبعض كالحرارة والبرودة (3) والرطوبة واليبوسة والسواد والبياض والنور والظلمة إلى غير ذلك مما لا يحصى، عرف