جنس مخلوقاته وعدم بلوغ العقل والحواس إلى كنه ذاته وصفاته، وفيه تأكيد لرد الأحكام الوهمية بالاحكام العقلية فإن الوهم يحكم بأن ما كان بعيدا عن شيء لا يكون قريبا منه، وما كان قريبا من شيء لا يكون بعيدا عنه لكون حكمه مقصورا على المحسوسات، ونحن لما بينا أن قربه وبعده من الخلق ليسا قربا وبعدا مكانيين بل بمعنى آخر، لا جرم لم يكن بعده بذلك المعنى منافيا لقربه ولا قربه بذلك المعنى منافيا لبعده، بل كانا مجتمعين.
(كيف الكيف فلا يقال كيف (1) وأين الأين فلا يقال أين) يعني هو جعل الكيف كيفا والأين أينا ولم يكن قبل ذلك الجعل كيف ولا أين فلا يجوز أن يسأل عن كيفيته وأينيته (إذ هو منقطع الكيفوفية والأينونية) (2) قبل وجود الكيف والأين بالضرورة وإذا كان كذلك كان منقطعا عنهما بعد وجودهما أيضا لاستحالة انتقاله من حال إلى حال وامتناع اتصافه بوصف لم يكن له في وقت من الأوقات.
* الأصل:
4 - محمد بن أبي عبد الله رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه يقال له ذعلب، ذو لسان بليغ في الخطب، شجاع القلب، فقال: يا أمير المؤمنين!
هل رأيت ربك؟ قال: ويلك يا ذعلب! ما كنت أعبد ربا لم أره، فقال: يا أمير المؤمنين! كيف رأيته؟
قال: ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ويلك يا ذعلب، إن ربي لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كل شيء لا يقال شيء قبله وبعد كل شيء لا يقال: له بعد، شاء الأشياء لا بهمة، دراك لا بخديعة في الأشياء كلها، غير متمازج بها، ولا بائن منها، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، ناء لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا بعد عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بحركة، مريد لا بهمامة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تحويه الأماكن ولا تضمنه الأوقات ولا تحده الصفات ولا تأخذه السنات، سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له وبتجهيره