شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٧١
من صفاته فهو داخل تحت الإمكان لا سبيل له إلى ساحة ذاته.
(ولا تأخذه السنات) لأن السنة، وهي مبدأ النوم وفتور يتقدمه، حال يعرض الحيوان من أجل استرخاء أعصاب الدماغ بسبب تصاعد رطوبات الأبخرة، وهو سبحانه منزه عن ذلك.
(سبق الأوقات كونه) لأنه خالص الأوقات فوجب أن يتقدمها وجوده.
(والعدم وجوده) أي سبق وجوده عدم الممكنات; لأن عدمها لكونه ممكنا بالذات مستند إلى عدم الداعي إلى إيجادها المستند إلى وجوده تعالى سابقا على عدمها أو سبق وجوده على عدمه ; لأن وجوده لما كان واجبا لذاته كان عدمه ممتنعا لذاته فكان وجوده سابقا على عدمه لا لتحقق عدمه وسبق وجوده عليه بل لأن لحوق العدم له محال بالذات بخلاف سائر الموجودات، فإن كلها لما كانت محدثة كان عدمها سابقا على وجودها (1) ولو كان بعضها قديما (2) كما زعمه طائفة من المبتدعة، فلا شبهة في أنه قابل في مرتبة ذاته للوجود والعدم جميعا مستفيض للوجود من الموجد فيكون وجوده مسبوقا بعدمه اللاحق له في مرتبة ذاته.

1 - قوله: «لما كانت محدثة كان عدمها سابقا» مأخوذ من شرح ابن ميثم (قدس سره) بتصرف فيه أوهم التناقض قال ابن ميثم: بيانه أنه تعالى مخالف لساير الموجودات الممكنة فإنها محدثة فيكون عدمها سابقا على وجودها، ثم إن لم يكن كذلك وجودها وعدمها بالنسبة إلى ذواتها على سواء كما بين في مظانه، ولها من ذواتها أنها لا تستحق وجودا ولا عدما لذواتها وذلك عدم سابق على وجودها فعلى كل تقدير فيكون وجودها مسبوقا بعدم بخلاف الموجود الأول جلت عظمته فإنه لما كان واجب الوجود لذاته كان لما هو هو موجودا فكان لحوق العدم له محالا فكان وجوده سابقا على العدم المعتبر لغيره من الممكنات آه‍. (ش) 2 - قوله: «ولو كان بعضها قديما» يعنى لو كان قديما زمانا كان محتاجا إلى الواجب أيضا مع قدمه لكونه ممكنا وقد بينا مرارا أن علة احتياج الممكن إلى العلة هي الإمكان دون الحدوث فلا منافاة بين أن يكون شئ قديما زمانا ومع ذلك مخلوقا لواجب الوجود معلولا له تعالى وإنما نسبه الشارح إلى البدعة، لا لأن من التزم بقدم بعض الممكنات استلزم قوله إنكار الواجب تعالى، بل لأن الاعتقاد بالحدوث الزماني شيء دل عليه ظواهر الأدلة، والخارج عن الالتزام بالظواهر مبتدع، ولو كان مستلزما لإنكار المبدأ لم يكن مبتدعا بل كافرا صريحا فيرجع الكلام إلى دلالة الأدلة الشرعية على الحدوث الزماني، أعني سبق الزمان على وجود الأشياء وقد أنكره الشارح فيما مضى قريبا. وقال: لا يمكن تقدم الزمان على الجسم، ففي كلامه نوع تنافر فتارة يقول: الزمان متأخر عن الحركة المتأخرة عن الجسم، وأخرى يقول: الزمان متقدم على وجود كل شيء ممكن، وكيف يكون الزمان متأخرا عن الجسم ومتقدما عليه معا. وأما الأدلة الشرعية على الحدوث فالمتتبع فيها الناظر بعين بصيرة لا يستريب في أن المقصود منها إثبات الواجب تعالى لا تعبد الاعتقاد بالحدوث الزماني، والشارح (رحمه الله) صرح هنا بأن الحدوث الذاتي يكفى في الاحتياج، فلابد إما أن يقول المراد من الحدوث في الأدلة الشرعية الحدوث الذاتي أو يلتزم بأن علة احتياج الممكن حدوثه لا إمكانه أو ينكر - نعوذ بالله - علم الأئمة (عليهم السلام) بما لا يخفى على أصاغر الطلبة ونحن في غنى عن تفصيل هذا البحث بما سبق. (ش)
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست