وكذا السلوب الآتية.
(متجل لا باستهلال رؤية) التجلي: الوضوح والانكشاف، والاستهلال: التبيين يقال: استهل الصبي إذا تبين. والاستهلال أيضا: الإبصار. قال في المغرب: أهل الهلال واستهل - مبنيا للمفعول فيهما - إذا أبصر، يعني: أنه تعالى متبين منكشف لخلقه لا بالتبين والانكشاف الحاصلين من جهة رؤيته، ولا بالإبصار الذي هو الرؤية لتنزهه عن ذلك بل لظهوره في قلوب عباده من ملاحظة مصنوعاته حتى أشبهت كل ذرة من مخلوقاته مرآة ظهر وتجلى لهم فيها وهم يشاهدونه على استعداد قلوبهم لمشاهدته وتتفاوت تلك المشاهدة بحسب تفاوت أشعة إبصار بصائرهم.
(ناء لا بمسافة أي بعيد من الأشياء لا بمسافة بينها وبينه; لأن ذلك من خواص المكانيات بل بذاته المقدسة المغائرة لذوات الممكنات المتصفة بعلو الشرف والرتبة; لأن رتبته فوق مراتب جميع الموجودات بالشرف والعلية فلا جرم رتبته بعيدة عن رتبتها.
(قريب لا بمداناة) أي قريب من كل شيء لا بالدنو في المسافة بل بالعلم والإحاطة ونفاذ قدرته وحكمه فيه; لأن كل شيء حاضر عند بذاته بحيث لا يعزب عنه مثقال ذرة.
(لطيف لا بتجسم) أي لطيف لا باعتبار كونه جسما له قوام رقيق أو حجم صغير أو تركيب غريب وصنع عجيب، أو لا لون له; لأن كل ذلك من شأن اللطيف المخلوق، والله سبحانه خالق ليس بمخلوق بل باعتبار كونه خالقا للخلق اللطيف، أو باعتبار كونه عالما بالأشياء اللطيفة مثل البقة وقواها والذرة وهواها والنملة وصداها.
(موجود لا بعد عدم) (1) إذ لو كان وجوده بعد عدم كان حادثا ولو كان حادثا كان ممكنا ولو كان ممكنا لم يكن واجب الوجود لذاته هذا خلف (فاعل لا باضطرار) (2) أي لا باضطراره إلى فعله لأنه