شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٥٣
ولهذا ينكرون وجود الصانع، تعالى عما يقولون (وإبطالا لقول الثنوية) (1) وهم الذين يثبتون إلها نورانيا وإلها ظلمانيا ينسبون إلى الأول الخيرات وإلى الثاني الشرور، ولعل المراد بالثنوية هنا القائلون بالمادة وأزليتها وأنه لا يحدث شيء إلا من مادة أزلية بحسب استعداداتها وسموا ثنوية لأنهم حكموا بسرمدية المادة وأزليتها (الذين زعموا أنه لا يحدث شيئا إلا من أصل ولا يدبر) شيئا (إلا باحتذاء مثال) يحذو حذوه وينظر إليه ويعمل مثله وهم أيضا يقولون بقدم الأنواع والأصول (2) مثل الملاحدة إلا أنهم يقرون بوجود الصانع المحدث لأ

1 - قوله: «لقول الثنوية» أي بعضهم لا جميعهم فإنهم فرق عديدة ذكرهم الشهرستاني وغيره، والثنوية يشتركون في إثبات أصلين للعالم النور والظلمة أو يزدان وأهريمن وأمثال وذلك ومنهم المانوية وهم زنادقة ونسبتهم إلى الزردشتية نسبة الملاحدة إلى المسلمين، وأما احتمال كون المراد منهم الماديين على ما ذكره الشارح فغير صحيح إذ لم يعهد إطلاق هذا الاسم عليهم في موضع. (ش) 2 - قوله: «بقدم الأنواع والأصول» القول فيهم كالقول في من قال بقدم نوع الإنسان على ما مر. وهذه شبهة عجيبة مرتكزة في ذهن الناس، وتحير العقلاء في علة رسوخها فيهم; لأن الطبع البشرى مجبول على عدم التصديق بشيء لم يحسه بحواسه ولم يقم عليه دليل عقلي، ومقتضى عدم الدليل على شيء الشك فيه، ومع ذلك هم على قدم المادة ولا تناهي الفضاء من غير أن يدركوه بديهة أو يقوم عليه دليل، وقال الحكماء: إن المادة لا يمكن وجودها إلا بصورة وإن فرضنا أن لا صورة فلا مادة فالمادة متعلقة الوجود بالصورة والذي يتعلق وجوده بغيره لا يكون واجب الوجود على ما مر، ولا ريب أن كل أحد يمكن أن يتعقل كون صورة الإنسان مخلوقة للصانع وكذلك صورة الغذاء الذي تحصلت صورة الإنسان منه وصورة الماء الذي دخل في تركيب الإنسان وصورة الأشياء التي تركب منه الغذاء وهكذا كل صورة والمادة متعلق وجودها بصورة ما من هذه الصور المخلوقة فالمادة متعلقة الوجود بخالق الصور، نعم إن قلنا بالجزء الذي لا يتجزى وأنكرنا وجود الصورة الجسمية أصلا وأنكرنا إمكان استحالة الصور النوعية بعضها إلى بعض صعب تصور تعلق المادة الجسمانية بعلة مفارقة مجردة، ولكن ثبت بطلان الجزء بالدليل القطعي وهو كان هنا، وبالجملة فأزلية المادة واستغناؤها في الوجود عن العلة من أسخف الآراء وأضعفها، والقائل بقدم الأنواع والأصول ليست شبهته إلا تصور استغناء المادة عن العلة وكونها أزلية فيجب أن يكون في ضمن نوع دائما. (ش)
(١٥٣)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست