(ليست له صفة تنال ولا حد تضرب له فيه الأمثال، كل دون صفاته تحبير اللغات، فنفى (عليه السلام) أقاويل المشبهة) المتبعين لأوهامهم وأحكامها الفاسدة المحجوبين عن ربهم بظلمات نفوسهم (حين شبهوه بالسبيكة) أي بالفضة المذابة يقال: سبكت الفضة أسبكها سبكا أذبتها، والفضة سبيكه (والبلورة) البلور مثل التنور والسنور: جوهر معروف والجامع بينهما هو الصفاء واللون.
(وغير ذلك من أقاويلهم من الطول) قال بعضهم: طوله سبعة أشبار من شبر نفسه. وقال بعضهم غير ذلك (والاستواء) على العرش ونحوه حتى ذهب بعضهم إلى أنه قد ينزل عنه لأمر ما ثم يصعد إليه.
(وقولهم) بالنصب عطفا على الأقاويل أي فنفى (عليه السلام) قولهم.
(متى ما لم تعقد القلوب منه على كيفية) يكون هو عليها سواء كانت قارة أو غير قارة (ولم ترجع إلى إثبات هيئة) أي صفة قارة يكون هو عليها (لم تعقل شيئا فلم تثبت) أي العقول حينئذ (صانعا); لأن العقل لا يحكم بوجود شيء لا يدركه أصلا، وهم قالوا ذلك بحكم العادة في إدراك النفس للأمور المعقولة من الأمور الممكنة باستعانة الوهم والخيال، فإن النفس إذا توجهت إلى أمر معقول تستعين بالقوة الوهمية والخيالية على إثبات ذلك المعنى المعقول وضبطه وتتأبى عن الإشارة إليها إلا بمشاهدة الوهم والخيال واستثبات حد وكيفية وهيئة يكون هو عليها فظنوا أن عالم قدس الحق وعالم التوحيد مثل هذا العالم فأجروا فيه حكم هذا العالم واعتقدوا فيه بالمشابهة والمماثلة والكيفية والهيئة إلى غير ذلك من العقائد الباطلة الفاسدة (فعبر أمير المؤمنين (عليه السلام)) عبر من التعبير بالعين والباء الموحدة وفي بعض النسخ «ففسر» من التفسير بالفاء والياء والمثناة من تحت وهو الأظهر (أنه واحد بلا كيفية) من الكيفيات التي يثبتها المشبهة (وأن القلوب تعرفه بلا تصوير) من التصويرات التي يعقلها المبتدعة (ولا إحاطة) بكنه ذاته وصفاته.
فإن قلت: أين يفهم هذه الأمور من كلامه (عليه السلام).
قلت: يفهم من مجموع منطوق كلامه ومفهومه كما لا يخفى على المتأمل.
(ثم قوله (عليه السلام)) وهو أيضا عطف على قوله «لا من شيء كان» وكذا ما بعده («الذي لا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن وتعالى الذي ليس له وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود» ثم قوله (عليه السلام) «لم يحلل في الأشياء (1) فيقال هو فيها كائن ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن» فنفى (عليه السلام) عنه