شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٧٤
اتصالها بالمسببات.
* الشرح:
(وعنه عن أحمد بن إسحاق) في مرجع الضمير خفاء يزول بعد التأمل (قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسألة عن الرؤية وما اختلف فيه الناس) من جوازها واستحالتها قد ذكرنا آنفا بعض شبه المجوزين مع الجواب عنه ولا بأس أن نشير هنا إلى بعض آخر من شبهاتهم مع الجواب على سبيل الإجمال لتحصل الإحاطة بجهات كلامهم فنقول نقل الآبي في كتاب إكمال الإكمال عن بعض علمائهم أنه قال: رؤية الله تعالى جايزة في الدنيا عقلا لأنه تعالى علق رؤية موسى (عليه السلام) على استقرار الجبل وهو في نفسه أمر ممكن والمعلق على الممكن ممكن ولأنها لو كانت ممتنعة لم يسألها بقوله «رب أرني أنظر إليك» لأن العاقل لا يطلب المحال فسؤالها دل على أنه كان يعتقد جوازها فتكون جايزة وإلا لزم جهل النبي العظيم المعزز بالتكليم بما يجوز عليه ويمتنع واختلف في وقوعها وفي أنه هل رآه ليلة الإسراء (1) أم لا فأنكرته عايشة وجماعة من الصحابة والتابعين والمتكلمين وأثبت ذلك ابن عباس وقال: إن الله اختصه بالرؤية وموسى بالكلام وإبراهيم بالخلة، وأخذ به جماعة من السلف والأشعري في جماعة من أصحابه وابن حنبل وكان الحسن يقسم لقد رآه وتوقف فيه جماعة، هذا

1 - قوله «هل رآه ليلة الإسراء» قال السهيلي في الروض الآنف شرح السيرة: قد تكلم العلماء في رؤية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لربه ليلة الإسراء فروى مسروق عن عايشة أنها أنكرت أن يكون رآه وقالت من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية واحتجت بقوله سبحانه «لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار» وحكى عن أبي الحسن الأشعري أنه قال رآه بعيني رأسه في تفسير النقاش عن ابن حنبل قال: رآه رآه رآه حتى انقطع صوته - إلى أن قال - لا استحالة فيه لأن حديث الإسراء إن كان رؤية رآها بقلبه وعينه نائمة كما في حديث أنس فلا إشكال فيما يراه في نومه (عليه السلام) فقد رآه في أحسن صورة ووضع كفه بين كتفيه حتى وجد بردها بين ثدييه ولما كانت هذه رؤيا لم ينكرها أحد من أهل العلم ولا استبشعها وقد بينا آنفا أن حديث الإسراء كان رؤيا ثم كان يقظة انتهى ما يهمنا من كلامه.
وفيه إشكالات ليس غرضنا البحث فيها وإنما نقلناه لأنه غاية جهد المنصفين منهم في توجيه مقالة أسلافهم فالسهيلي مع كمال فطنته وتبحره لم يجد بدا من أن يتأول رؤية الرب ووضع يده برؤيا النوم ورؤيا النوم خارج عن محل الكلام إذ ليس رؤية بالعين مع أن كون الإسراء في النوم وإن ورد في روايات من طرقهم ونقل عن قدمائهم لكنه خلاف المشهور بينهم وعايشة كانت تقول بالمعراج الروحاني فقط ومع ذلك أنكرت الرؤية فلا ملازمة بين الرؤية والمعراج الروحاني ولا بين إنكارها والمعراج الجسماني كما يستفاد من كلام السهيلي، ثم أن رؤيا الأنبياء ليست إلا حقيقة ولو احتمل الخطأ فيها لم يكن وحيا وقد أمر إبراهيم (عليه السلام) بذبح ولده في النوم كما قال «إني أرى في المنام أني أذبحك». (ش)
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست