شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٠٩
باب الكون والمكان * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة قال: سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر (عليه السلام): فقال أخبرني عن الله متى كان؟ فقال: متى لم يكن حتى اخبرك متى كان؟ سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة قال: سأل نافع ابن الأزرق أبا جعفر (عليه السلام) فقال أخبرني عن الله متى كان) أي في أي وقت وزمان ثبت وتحقق وجوده (فقال: متى لم يكن حتى اخبرك متى كان) يعني كل ما يصح أن يسأل عن وجوده بمتى، يصح أن يسأل عن عدمه بمتى لأن الشيء لا يدخل في مقولة متى بوجوده فقط بل إن دخل فيها دخل بوجوده وعدمه جميعا، ولكن لا يصح أن يسأل عن عدم واجب الوجود لذاته بمتى لأن وجوده أزلي غير مسبوق بالعدم أصلا فلا يصح أن يسأل عن وجوده بمتى أيضا، والحاصل أن السؤال عن كون الشيء بمتى إنما يصح إذا كان كونه زمانيا (1) ووجود الواجب تعالى شأنه ليس بزماني لا يجوز أن يسأل عنه بمتى.
(سبحان من لم يزل ولا يزال) نزه (عليه السلام) من ليس لوجوده ابتداء ولا لكونه انتهاء ولا لذاته انتقال

1 - قوله «كونه زمانيا» الزمان أمر موهوم لا تحقق له في الخارج إلا عرضا لحركة والحركة عرض من عوارض الجسم فما لم يكن جسم متغير لم يكن للزمان مفهوم يتصور والأوهام العامية ترى الزمان والمكان واجبي الوجود وإن لم يتفوهوا به فهو مرتكز في خواطرهم فلا يعتقدون إمكان فنائهما وذلك لرسوخ مفهومهما في أذهانهم بمقتضى العادة وتكرار ما يوجب تصورهما وهذا نظير ما يتوهمون في العالم جهة الفوق والتحت حقيقة وأن كل شيء يجب أن يسقط من العلو إلى السفل وأن الأرض لا بد أن تكون على شيء حتى لا تسقط وبالجملة لا يمكن أن يتصور مفهوم الزمان قبل خلق الأجسام المتغيرة والله تعالى منزه عن الجسمية والتغير فلا يتصور له زمان ولا يتعقل متى كان إلا في وصف موجود متغير يمكن أن يقال في حقه متى لم يكن، فإن قيل إنكم تقولون: الزمان مقدار حركة فلك الأفلاك وبعد ما ثبت في الهيئة عدم وجود لذلك الفلك بطل قولكم في الزمان ويلزم أن لا يكون زمان على قولكم أصلا قلنا الكلي لا يبطل بعدم بعض أفراده وقولنا الزمان مقدار حركة ثابت مستمر ولا فرق بين أن ينسب إلى حركة فلك الأفلاك أو الأرض أو طبيعة الأجسام على القول بالحركة الجوهرية أو غير ذلك ألا ترى أنك في تصور مقدار الزمان تحتاج إلى آلة الساعة وحركة أجزائها ولو فرض أن لم يكن في العالم شيء متغير لم يكن الزمان أصلا. (ش)
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست