شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٧٢
في المعاد لاستحالة اجتماع المعرفة الضرورية التي من الرؤية والمعرفة النظرية التي هي ضدها في شخص واحد في وقت واحد بحكم المقدمة الثالثة.
(ولا تزول في المعاد) أي والحال أن هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب لا تزول في الآخرة لأن حشر المؤمن بلا إيمان باطل بالاتفاق، لأن ما اكتسبته النفس في الدنيا من الكمالات والمعارف كان معها بعد فراق البدن (1) وفي الآخرة بلا خلاف وإذ كانت هذه المعرفة باقية غير زايلة في الآخرة امتنع أن تحقق تلك المعرفة الضرورية التي هي ضدها بحكم المقدمة الثالثة فقد ثبت بطلان القسم الثاني أيضا فإذن بطل القسمان كلاهما وإذا بطلا بطل جواز رؤيته بالعين لأنه منحصر فيهما كما أشار إليه بقوله (فهذا دليل على أن تعالى الله ذكره لا يرى بالعين إذ العين تودي إلى ما وصفناه) من أنه يلزم على تقدير تحقق الرؤية العينية أن يكون في الدنيا مؤمن أو يزول الإيمان المكتسب في الآخرة، وقد عرفت بطلانهما بالعقل والإجماع وبطلان اللازم دليل على بطلان الملزوم، فإن قلت:

1 - قوله «كان معها بعد خراب البدن» من القوى ما يتوقف على البدن ويفنى بفساد البدن كالقوة الهاضمة والنامية والباصرة التي في العين والسامعة التي في الأذن فإذا فسد مزاج العين والأذن بطل البصر والسمع كما هو مشاهد في الأعمى والأصم. ومنها ما لا يتوقف على البدن ولا يفنى بخراب البدن كالقوة العاقلة ومدركاتها وملكاتها والإيمان من هذا الأخير وكلام الإمام (عليه السلام) أن المعرفة الاكتسابية لا تزول في المعاد يدل على أن الجزئي المدرك بالحس لا يكون اكتسابا كما قال صاحب المنطق: الجزئي لا يكون كاسبا ولا مكتسبا بل المعرفة الاكتسابية كلية والكلية تدرك بالعقل وكذلك المجرد والعقل لا يفنى بفساد البدن لأنه يدرك الكليات والمجردات وأما الحافظة للمحسوسات أعنى الخيال وحافظة المعاني الجزئية والحس المشترك فتكلموا واختلفوا فيها وفي حال النوم يبطل الحواس الظاهرة دون الحس المشترك والخيال وأما الحافظة فقد يبقى وقد يبطل فيرى الإنسان رجلا يعرفه في النوم وينسى أنه مات فإذا استيقظ تذكر موته وللبحث في ذلك محل آخر إن شاء الله تعالى. (ش)
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست