ويرجعوا عن اعتقادهم، والجواب عما نقل عن ابن عباس أنه ليس صريحا في الرؤية العينية لجواز أن يكون المراد بالرؤية التي اختصت به (صلى الله عليه وآله وسلم) الرؤية القلبية يعني الإدراك العلمي على الوجه الكمال، وقد نقلنا سابقا من طريقهم عن ابن عباس أنه قال: «رآه بقلبه» وعما نقل عن الحسن أنه إن كان قول الحسن من عند نفسه فليس حجة وإن كان من ظاهر الآيات والروايات فكذلك لأن فهمه ليس حجة على غيره، والظاهر قد لا يعمل به، والجواب عن وقوع الرؤية في الآخرة إن كثيرا من الآيات والروايات مأولة عن ظاهرها اتفاقا مثل ما وقع في القرآن من قوله تعالى (ومكر الله) (الله يستهزيء بهم) وما وقع في رواياتكم عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «إن من العبيد يوم القيمة يدعو الله تعالى حتى يضحك الله تبارك وتعالى فإذا ضحك منه قال: أدخله الجنة (1)» وعن ابن مسعود أن بعض أهل النار حين خرج منها ووصل إلى باب الجنة يقول «أي رب أدخلنيها، فيقول يا ابن آدم أيرضيك أن اعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب أتستهزىء مني وأنت رب العالمين (2)» وأمثال ذلك كثيرة وأنتم قد أولتم المكر والضحك والاستهزاء بالجزاء والرضا والخذلان، فإذا جاز التأويل فكيف تتمسكون بالظواهر في الأمور العقلية وتجزمون عليها.
(فكتب لا يجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه البصر) (3) أي هواء شاف ينفذ فيه شعاع البصر ويتصل بالمرئي وهذا دل بحسب الظاهر على مذهب الرياضيين القائلين بأن الإبصار بخروج الشعاع لا على مذهب طايفة من الحكماء القائلين بأن الإبصار باعتبار أن المشف الذي بين البصر والمرئي يتكيف بكيفية الشعاع الذي في البصر ويصير بذلك آلة للإبصار ولا على