والاستدلال ألا ترى أنك إذا رأيت شيئا عرفت وجوده من غير نظر حتى أن من طلب منك الدليل على وجوده نسبته إلى السفه والجنون.
(فإذا جاز أن يرى الله بالعين وقعت المعرفة) بوجوده (ضرورة) (1) بلا خلاف والمناسب «لو» بدل «إذا» إلا أنه بنى الكلام على المماشاة مع الخصم القائل بجواز الرؤية.
(ثم لم تخل تلك المعرفة) الضرورية من جهة الرؤية (من أن تكون إيمانا أو ليست بإيمان) لا ثالث لهما إذ لا واسطة بين النفي والإثبات وكل واحد من هذين القسمين باطل، أما الأول فأشار إليه بقوله (فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان) والتالي باطل فالمقدم مثله، أما بيان الشرطية فأشار إليه بقوله (لأنها ضده) أي لأن الرؤية ضد الاكتساب لأن الرؤية تفيد العلم الضروري والاكتساب يفيد العلم الكسبي فإن كان الأول إيمانا لم يكن الثاني إيمانا لأن الإيمان له حقيقة واحدة بحكم المقدمة الأولى وتلك الحقيقة إن كانت ضرورية لم تكن نظرية بحكم المقدمة الثانية.
وأما بطلان التالي فأشار إليه بقوله (فلا يكون في الدنيا مؤمن لأنهم لم يروا الله عز ذكره) في الدنيا وإذا لم يروه لم يكونوا مؤمنين إذ الفرض أن الايمان هو المعرفة من جهة الرؤية وهذا باطل بالاتفاق فقد ثبت أن المعرفة من جهة الرؤية ليست بإيمان.
وأما بطلان القسم الثاني فأشار إليه بقوله (وإن لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية إيمانا لم تخل هذه المعرفة) التي حصلت في الدنيا (من جهة الاكتساب أن تزول) (2) أي لا بد من أن تزول