شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٧٣
كما يلزم على تقدير أن تكون تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا أن لا يكون في الدنيا مؤمن كذلك يلزم أن تزول المعرفة الكسبية في الآخرة لاستحالة اجتماع العلم الضروري والعلم النظري بشيء واحد في وقت واحد وكما أن اللازم الأول باطل كذلك اللازم الثاني أيضا باطل فلم لم يذكر (عليه السلام) اللازم الثاني في القسم الأول أيضا؟ قلت: إما لأنه لا فساد في زوال المعرفة الكسبية في الآخرة على تقدير أن لا يكون تلك المعرفة إيمانا، أو لأن ما ذكره في القسم الأول كاف لإبطاله وما ذكره لإبطال القسم الثاني يستفيد منه العارف اللبيب وجها آخر لإبطال القسم الأول فأحال ذلك إلى فهمه.
ويخطر بالبال هنا إشكال في غاية الصعوبة (1) وهو أن هذا الدليل يجري فيما يجوز رؤيته بالاتفاق من أحوال القيامة مثل السؤال عن القبر والجنة والنار والصراط والميزان فإن معرفة هذه الامور عند مشاهدتها ضرورية وفي الدنيا كسبية فيجري فيه هذا الدليل بعينه، اللهم إلا أن يقال معرفة هذه الامور في الدينا أيضا ضرورية لحصولها بقول الرسول الصادق الأمين كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا» ولا يجري مثل هذا الجواب فيما نحن فيه لأن معرفة وجود الباري لا يمكن أن تحصل بقوله لاستحالة الدور فليتأمل.
* الأصل:
4 - وعنه عن أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس فكتب: لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم يصح الرؤية وكان في ذلك الاشتباه، لأن الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان ذلك التشبيه لأن الأسباب لا بد من

1 - قوله «إشكال في غاية الصعوبة» كان الشارح - رحمه الله تعالى - لم ينل وجه الكلام على ما هو عليه ولم يعطه حق النظر ولذلك خطر هذا بباله وإلا فلا إشكال فيه فضلا عن صعوبته لأن الذي حصل لنا من المعرفة الاكتسابية بالدليل العقلي في المعاد أمر إجمالي وهو العقاب في الجملة والثواب في الجملة ولا ينافي ذلك كونهما بالصفات التي بينها الشارع لنا تفصيلا وإذا رأينا في المعاد ما بين لنا لم يتغير علمنا وإيماننا بخلاف ايماننا بالله تعالى المجرد الذي لا يمكن أن يرى بالبصر فإنا إذا رأيناه في الآخرة بالبصر تغير علمنا وتبين لنا أن الذي كنا آمنا به غير ما هو حق وواقع وبالجملة ليس كون شيء معلوما بالضرورة وكونه بعينه معلوما بالاكتساب موجبا لتغير العلم والمعلوم إذ قد يكون شيء واحد بعينه معلوما بالاكتساب ثم بالضرورة ولكن كون شيء، غير ممكن أن يعلم بالمشاهدة ينافي كونه مشاهدا لعدم احتمال تغير الشيء عن ماهيته والأصل في تفسير هذا الحديث صدر المتألهين (قدس سره) وكان يجب على الشارح إمعان النظر فيه أكثر من هذا حتى لا يرد عليه الإشكال. (ش)
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست