كما يلزم على تقدير أن تكون تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا أن لا يكون في الدنيا مؤمن كذلك يلزم أن تزول المعرفة الكسبية في الآخرة لاستحالة اجتماع العلم الضروري والعلم النظري بشيء واحد في وقت واحد وكما أن اللازم الأول باطل كذلك اللازم الثاني أيضا باطل فلم لم يذكر (عليه السلام) اللازم الثاني في القسم الأول أيضا؟ قلت: إما لأنه لا فساد في زوال المعرفة الكسبية في الآخرة على تقدير أن لا يكون تلك المعرفة إيمانا، أو لأن ما ذكره في القسم الأول كاف لإبطاله وما ذكره لإبطال القسم الثاني يستفيد منه العارف اللبيب وجها آخر لإبطال القسم الأول فأحال ذلك إلى فهمه.
ويخطر بالبال هنا إشكال في غاية الصعوبة (1) وهو أن هذا الدليل يجري فيما يجوز رؤيته بالاتفاق من أحوال القيامة مثل السؤال عن القبر والجنة والنار والصراط والميزان فإن معرفة هذه الامور عند مشاهدتها ضرورية وفي الدنيا كسبية فيجري فيه هذا الدليل بعينه، اللهم إلا أن يقال معرفة هذه الامور في الدينا أيضا ضرورية لحصولها بقول الرسول الصادق الأمين كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا» ولا يجري مثل هذا الجواب فيما نحن فيه لأن معرفة وجود الباري لا يمكن أن تحصل بقوله لاستحالة الدور فليتأمل.
* الأصل:
4 - وعنه عن أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس فكتب: لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم يصح الرؤية وكان في ذلك الاشتباه، لأن الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان ذلك التشبيه لأن الأسباب لا بد من