غيره عن الأعضاء وإنما يعني أن العلوم تتفاوت فخلق له ليلة الإسراء أو في وقت مخصوص من الإدراك العلمي ما لم يكن له قبل وقد كانت حالاته في الأوقات متفاوتة كما قال: «لي مع الله وقت لا يسعه ملك مقرب، ولا نبي مرسل» وبما ذكرناه اندفع ما قال النووي إنه جعل بصره في فؤاده أو خلق لفؤاده بصرا حتى رآه كما يراه بالعين لأن ذلك لا يخرجه عن الرؤية العينية ولا يدخله في الرؤية القلبية.
وقال محي الدين البغوي: الحق أن الله تعالى يرى في الآخرة لما رواه مسلم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوم حذر الناس من الدجال «إنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه من كره عمله، ويقرؤه كل مؤمن (1)» وقال: «تعلمون أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت» (2) إذ لو استحالت رؤيته فيها كما يقوله المعتزلة لم يكن للتقيد بالموت معنى.
وقال عياض: الحق أن رؤيته جايزة في الدنيا واختلف هل وقعت أم لا، لظاهر هذا الحديث ولقوله تعالى «لا تدركه الأبصار» على تأويل أنها في الدنيا وللسلف ومن بعدهم في ذلك اختلاف كثير وهل رآه النبي ليلة الإسراء، وعلل منعها بضعف هذه البنية (3) عن احتمال كمالها كما لم يحتمله موسى (عليه السلام) في الدنيا انتهى.
أقول: تقييد عدم الرؤية في حديث الدجال بقوله «حتى يموت» باعتبار أن الدجال يدعي الربوبية في الدنيا فكأنه قال: لا يرى أحد ربه في الدنيا فوجب أن لا يعتقد بربوبية الدجال ولا دلالة فيه على رؤية الرب في الآخرة إلا بمفهوم اللقب وهو ليس بحجة إتفاقا.
* الأصل:
2 - أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرة المحدث أن ادخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرفة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية، فقال أبو الحسن (عليه السلام) فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس؟ لا تدركه الأبصار، ولا يحيطون به علما وليس كمثله شيء، أليس محمد؟ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: بلى، قال: كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله