مذهب الطبيعيين القائلين بأن الإبصار بانطباع صورة المبصر في الباصرة عند مقابلته لها، ويمكن أن يقال: المراد بنفوذ البصر في الهواء توقفه في الرؤية عليه وتوسله به فينطبق على المذاهب الثلاثة.
(فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي) بحايل أو بكمال القرب أو بغيرهما (لم تصح الرؤية بالضرورة وفي كتاب الاحتجاج «فمتى انقطع الهواء وعدم الضياء لم تصح الرؤية» (وكان في ذلك الاشتباه) أي وكان في توسط الهواء والضياء بين الرائي والمرئي اشتباه كل منهما بالآخر في الاحتياج إلى ذلك المتوسط وفي كونه في جهة وفي طرف منه وعلل ذلك بقوله (لأن: الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه (1)) المراد بالسبب الموجب للرؤية الواقع بينهما هو الهواء المتوسط وكون كل واحد منهما واقعا في طرفه مقابلا للآخر ومتى ساوى الرائي من حيث أنه راء المرئي من حيث أنه مرئي في ذلك السبب ثبت مشابهة المرئي بالرائي.
(وكان ذلك التشبيه) اسم كان - وهو «ذلك» - إشارة إلى وجوب الاشتباه والتشبيه خبره يعني وكان ثبوت المشابهة بينهما تشبيه الحق الثابت بالذات وهو واجب الوجود المنزه عن صفات الخلق بالرائي الباطل بالذات في كونه طرفا من الهواء وواقعا في حيز وموصوفا بالجسمية ولواحقها مثله، وقد مر أنه وجب إخراجه تعالى عن الحدين حد الإبطال وحد التشبيه.
(لأن الأسباب لا بد من اتصالها بالمسببات) يحتمل أن يكون تعليلا لقوله «وكان ذلك التشبيه» يعني أن اعتبار المشابهة بينهما يستلزم التشبيه المذكور لأنها سبب له والسبب لا بد أن يكون