شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٦٢
(فوقع (عليه السلام)) قال الجوهري التوقيع ما يوقع في الكتاب (يا أبا يوسف جل سيدي) الذي وجبت علي طاعته (ومولاي) الذي هو ربي وناصري في جميع الأحوال (والمنعم علي وعلى آبائي) بالعلم والشرف والتقدم على العباد وغيرها من النعم الظاهرة والباطنة (أن يرى) بالإبصار.
(قال: وسألته) من باب المكاتبة أيضا كما دل على الجواب (هل رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ربه؟
فوقع (عليه السلام) أن الله تعالى أرى رسول الله بقلبه من نور عظمته ما أحب) أي ما أحب الله أوما أحب رسوله ونظيره ما رواه مسلم بسنده أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) «رآه بقلبه» وبسند آخر عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: «رآه بقلبه» وبسند آخر عن أبي العالية عن ابن عباس في قوله تعالى: «ما كذب الفؤاد ما رآى.
ولقد رآه نزلة اخرى» قال: رآه بقلبه مرتين (1) قال بعض العامة في تفسيره: إنه (2) رآه بعين قلبه.
قال أبو عبد الله الآبي: ولا يعني قائل ذلك إنه خلق له إدراك بصري في قلبه لأن ذلك لا يخرجه عن كونه بصريا إذ لا يشترط في الإدراك البصري البنية المخصوصة لجواز أن يخلق في العصب أو

١ - راجع صحيح مسلم ج ١ ص ١٠٩.
2 - قوله «قال بعض العامة في تفسيره» إن المرتكز في ذهن الإنسان - ما لم يصل إلى مقام يقتدر على التمييز بين الوهم والعقل - انحصار الموجود في الجسم المتحيز في مكان المقارن لزمان.
قال القاضي سعيد القمي في شرح توحيد الصدوق - رحمهما الله تعالى -: لا يمكن للوهم بل لأكثر أرباب الفهم تصور أمر موجود من دون أن يتلبس بهما في الوجود حتى أن كثيرا من السوفسطائية من الفلاسفة وجما غفيرا من أرباب الديانة سيما في هذه الأمة المرحومة زعموا أن لا موجود إلا وهو فيهما - إلى قال - كما ذهب إليه أهل زماننا من المتسمين بالفضل والذكاء والمتسنمين ذرى الرئاسة العظمى إلى أن الزمان الموهوم الذي اخترعوه لتصحيح الحدوث الزماني أمر ينتهي طرفه إلى العالم وينتزع من بقاء الله تعالى القيوم وهذا عند أهل المعرفة فرية على فرية بل في الحقيقة كفر وزندقة وكل ذلك إنما نشأ من عدم تتبع الآثار النبوية وعدم الاقتداء في جميع الأمور بالعقايد المعصومية والاستبداد بالرأي الفاسد انتهى موضوع الحاجة وهو حسن جدا إلا الحكم بكفر هؤلاء لأن اقتران واجب الوجود بالزمان والمكان وإن كان ملزوما لكونه ممكنا ومحتاجا تعالى الله عن ذلك وقد صرح في الأخبار الكثيرة بنفيهما عنه تعالى إلا أن الملازمة بين الزمان أو المكان والاحتياج ليست بينة كما اعترف به ولا يكفر الإنسان إلا باللوازم البينة.
وقال والد المجلسي - رحمه الله تعالى - إن المكان ملازم في ذهن العامة للموجود حتى أنهم إذا قالوا الله تعالى في لا مكان توهموا مكانا اسمه لامكان وبالجملة فلم يكن عند السلف غالبا تمييز بين المحسوس والموجود وكان يتبادر إلى ذهنهم من أن الله موجود أنه يمكن أن يكون مرئيا بالبصر وفي جهة وكان هذا بديهيا عندهم بحيث كانوا يستحلون تأويل ما ينافيه ولا يستحلون تأويل ما يوافقه فالتزموا بأن المؤمنين يرونه يوم القيمة ورآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المعراج وخالفهم عايشة وقليل من السلف وأنكروا الرؤية ثم لما وصلت النوبة إلى الأشاعرة والمعتزلة ذهب الأشاعرة إلى الرأي العام والمعتزلة إلى خلافه، واستمر الأمر إلى زماننا هذا. (ش)
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست