شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٦٨
كانت الروايات مخالفة للقرآن) بحيث لا يمكن الجمع بينهما (كذبتها) لأن كل خبر مخالف للقرآن فهو مردود باتفاق الامة (1).
(وما أجمع المسلمون على أنه لا يحاط به علما (2)، ولا تدركه الأبصار، وليس كمثله شيء)

١ - قوله «فهو مردود باتفاق الأمة» صرح (عليه السلام) بأن الروايات إذا كانت مخالفة للقرآن وجب ردها وكذلك إذ كان مخالفا لإجماع المسلمين وهذه الروايات مخالفة لكليهما وفيه رد على الأخباريين أيضا.
فان قيل كما جاء في القرآن الكريم امتناع الرؤية كذلك ورد فيها إمكان الرؤية مثل قوله تعالى «وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة» قلنا: نعم ورد ذلك أيضا لكن القاعدة في أمثاله أن يتأول ما يحتمل المجاز دون ما لا يحتمل وإطلاق النظر والرؤية مجازا على الكشف التام شائع جدا ويحتمله الآيات والروايات ولكن ما يدل على عدم الرؤية نص صريح لا يحتمل إرادة المعنى المجازي منه وغاية ما يمكن فيه من المجاز أن يرى الإنسان شيئا ولا يعمل بمقتضى الرؤية فيقال إنه ما رآه ولا يحتمل ذلك قوله تعالى «لا تدركه الأبصار» وكلام الإمام (عليه السلام) صريح في أن ما يخالف القرآن مردود بالاتفاق. (ش) 2 - قوله «وما أجمع المسلمون عليه» حجة على حجية الإجماع وانه يرد به الخبر الواحد وخالف فيه الإخباريون فشكوا في وجوده أولا وإمكان العلم به ثانيا وحجيته ثالثا وفي كلام الرضا (عليه السلام) رد عليهم في دعواهم بحذافيرها، فإن قيل: كيف تمسك الإمام (عليه السلام) بالإجماع في محل الخلاف وهذا مما يعيب به الفقهاء بعضهم بعضا؟ قلنا قد يتفق أن يجتمع الأمة على حكم كلي ويختلفوا في تطبيقه على بعض المصاديق فيصح دعوى الإجماع على الحكم الكلي ولم يعب به فقيه فقيها وإنما عاب به الإخباريون أعاظم المجتهدين لعدم تدبرهم في الأمور وبالجملة أجمع المسلمون على وجوب قبول مدلول قوله تعالى «لا تدركه الأبصار» أما النافون للرؤية فظاهروا أما المثبتون فلانهم الظاهريون الذين لا يجوزون التأويل حتى في يد الله ووجه الله وأن الرحمن على العرش استوى و «أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض» و «إليه يصعد الكلم الطيب» وغيرها وكذلك أجمعوا على وجوب قبول ما دل عليه قوله تعالى: «لا يحيطون به علما. وليس كمثله شيء» ومضامين هذه الآيات مجمع عليها بين المسلمين وينافيه إمكان الرؤية وخالف من خالف لا لمخالفته في الحكم الكلي بل لأنه زعم عدم منافاته للرؤية.
قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في صلاة البحار ص 733 بعد كلام لا أحب نقله لأنه قدح في فقهائنا رضوان الله عليهم أن السيد وأضرابه كثيرا ما يدعون الإجماع فيما ينفردون به في القول به أو يوافقهم عليه قليل من أتباعهم وقد يختار هذا المدعى للإجماع قولا آخر في كتابه الآخر، وكثيرا ما يدعى أحدهم الإجماع على مسألة ويدعي غيره الإجماع على خلافه. انتهى موضع الحاجة وقد تبين من كلام الإمام (عليه السلام) حل هذه الشبهات لأنه (عليه السلام) تمسك بالإجماع في محل الخلاف وقال أيضا طاعنا أنهم ادعوا الإجماع في أكثر المسائل سواء ظهر الاختلاف فيها أم لا، وافق الروايات المنقولة فيها أم لا. وظهر دفع هذه الشبهة أيضا لأن الرؤية إن كانت مخالفة للإجماع وجب ردها والعجب أنه (قدس سره) مع كثرة تتبعه لكلام علمائنا رضوان الله عليهم لم يعتن بما رأى منهم كثيرا في جميع أبواب الفقه من رد الروايات المخالفة للإجماع وهذا دأبهم وطريقتهم ولا يتوقع منهم غيره ولا يحتمل سواه.
وبالجملة إذا أثبت الإجماع فلا يعبأ بمخالفة الروايات المنقولة، وقال أيضا حجية الأخبار ووجوب العمل بها مما تواترت به الأخبار واستقر عليه عمل الشيعة بل جميع المسلمين في جميع الأعصار بخلاف الإجماع الذي لا يعلم حجيته ولا تحققه ولا مأخذه ولا مراد القوم منه انتهى ويستفاد من كلام الإمام (عليه السلام) أيضا جوابه فإنه (عليه السلام) رد الرواية بمخالفة الإجماع وهذا غير ممكن إلا مع إمكان تحققه والعلم به وقد سبق منا كلام في المجلد الثاني الصفحة 290. (ش)
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست