وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة (1) ويدل على المعنى الثاني ما سيجيء قريبا من الروايات المعتبرة وبالجملة هذان المعنيان مشهوران (2) في ألسنة الأصحاب وغيرهم معروفان في الأخبار. وأنت تعلم أن حملها على المعنى الأول بعيد إذ لو كان لجرم الفلكين نور كما للشمس لكان نورهما مرئيا كنور الشمس، اللهم إلا أن يقال: إن لهما نورا في الواقع ولكن رؤيته مشروطة بالتجرد والتنزه عن الهيئات البشرية والغواشي الناسوتية كما في نور الحجاب والستر، وعلى المعنى الثاني أبعد لانتفاء النسبة بين نور الشمس ونور علم الحق جل شأنه ولاستحالة تفضيل الشيء على نفسه ولعدم صحة المضمون في الكلام الآتي، اللهم إلا إن يراد بالكرسي علم النفوس المجردة، وبالعرش علم العقول المقدسة; ويمكن حملهما هنا على الجوهرين المجردين (3) النورانيين الموكلين بالفلك الثامن والتاسع مجازا من باب تسمية الشيء باسم متعلقه، وتفاوت نورهما بالذات أو باعتبار تفاوت تجلي نور الحق عليهما على النسبة المذكورة بل على الجوهرين الآخرين (4) وإن لم يكونا متعلقين بالفلكين، وتسميتهما بالكرسي
(١٨٤)