مصطلح جديد لم يكن معروفا عند الأئمة (عليهم السلام) بل المراد به البصيرة في أمر الدين.
وقال بعض المحققين: أكثر ما يأتي في الحديث بهذا المعنى، والفقيه هو صاحب هذه البصيرة وما قال ورام الحلي (رحمه الله) والغزالي من أن اسم الفقه في العصر الأول إنما كان يطلق على علم الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب إشارة إلى هذه البصيرة، ثم هذه البصيرة إنما تتم وتتكامل بعلوم ثلاثة:
الأول: العلم بأحوال الدنيا وانصرامها وعدم بقائها وثباتها.
الثاني: العلوم بأحوال الآخرة من عذابها وثوابها وحورها وقصورها وعجز بني آدم بين يدي الله تعالى إلى غير ذلك من أحوالها وأهوالها.
الثالث: العلم بالسنة النبوية لقصور عقل البشر عن إدراك نظام الدنيا والدين بنفسه من غير توسط رسول قوله قول الله تعالى المنزل إليه بالوحي، فهذان العلمان من توابع العلم بالله وملائكته وكتبه ورسله وثمرة العلم الأول وفائدته هي الزهد في الدنيا والإعراض عن نعيمها وعدم الاغترار بزخارفها والتنزه عن حلالها (1) فضلا، عن حرامها، وثمرة العلم الثاني هي الرغبة في الآخرة وصرف العقل إليه وقصر الأمل عليه، وثمرة العلم الثالث التمسك بالسنة النبوية والعمل بها للتخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل لأن كمال القوة العلمية إنما هو بارتكاب الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والاجتناب عن أضدادهما وهو إنما يحصل بالأخذ بالسنة والعمل بما فيها، ويظهر مما ذكرنا أن تعريف الفقيه بما ذكر تعريف بالغاية والثمرة المطلوبة منه للتنبيه على أن وجود الفقه