والخلاص من العقاب لأنه ذهب كثير من العلماء المحققين إلى أنه مناف للإخلاص ومبطل للعبادة كما أشرنا إليه سابقا.
لا يقال: لو ترك القول وقال: ولا عمل إلا بنية لفهم أن اعتبار القول بالنية أيضا لأنك قد عرفت أن اعتبار القول بالعمل فإذا كان اعتبار العمل بالنية كان اعتبار القول بالنية أيضا.
لأنا نقول: المقصود بيان أن اعتبار القول بالنية بالذات فلو لم يذكر القول لما فهم أن النية معتبرة فيه.
(ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة) (1) والأخذ بها من مأخذها وهو النبي (صلى الله عليه وآله) وأوصياؤه (عليهم السلام) وذلك لأن كل قول بالأحكام وعمل بها إذا لم يكن موافقا للسنة النبوية والطريقة الإلهية فهو باطل لا ينفع بل يضر، وكذا لا ينفع نيته وقصد التقرب به لأن نية الباطل باطلة غير نافعة مثله.
* الأصل:
10 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: «ما من أحد إلا وله شرة وفترة فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: ما من أحد إلا وله شرة وفترة) الشرة بكسر الشين المعجمة وفتح الراء المشددة والتاء المثناة الفوقانية: النشاط والرغبة، ويحتمل أن يقرأ بفتح الشين والراء المخففة والهاء ليكون مصدرا يقال: شره على الطعام شرها إذا اشتد وغلب حرصه. والفترة بفتح الفاء وسكون التاء الضعف والسكون، وفي كنز اللغة فترة: «بريدن و شكسته شدن و سست شدن و كند شدن».
(فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى) هذا الحديث يحتمل وجوها:
الأول: أنه ما من أحد إلا وله نشاط في تحصيل المطالب يحركه إليه، وهو يسكن عند الوصول إليها ويستقر فيها، فمن حركه نشاطه في الامور الدينية إلى السنة النبوية وكانت فترته وسكونه إليها