واستقراره فيها فقد اهتدى، ومن حركه نشاطه إلى البدعة وكانت فترته وسكونه إليها واستقراره فيها فقد غوى.
الثاني: ما من أحد من المكلفين إلا وله نشاط في الأعمال وغلبة عليها وقوة لها كما في أيام الشباب وله ضعف وسكون كما في أيام الكهولة والشيخوخة، فمن كانت فترته منتهية إلى السنة بأن يقول ما فيها ويعمل به وتكون نيته خالصة موافقة لها فقد اهتدى ومن كانت فترته منتهية إلى البدعة بأن يأمر بها ويعمل بها ويقصد إليها فقد غوى وهلك، ففيه إخبار بأن الهداية والغواية إنما تعتبران وتحققان في الخاتمة والتحريض على طلب حسن العاقبة والاجتناب عن سوء الخاتمة وكلام الأكابر مشحون بالترغيب فيهما.
الثالث: أن يكون الشرة إشارة إلى زمان التكليف والفترة إلى ما قبله لأن النفس قبل البلوغ إلى زمان التكليف أضعف منها بعده ولذلك يتوجه إليها التكليف بعده لا قبله، والمعنى من كانت فترته منتهية إلى السنة واستعد للتمسك بها عند البلوغ فقد اهتدى ومن كانت فترته منتهية إلى البدعة واستعد للتوجه إليها فقد غوى، ولعل هذه الوجوه أحسن مما قيل: المراد أن كل واحد من أفراد الناس له قوة وسورة في وقت كوقت الصحة والسلامة واليقظة والحركة وله فترة وضعف في وقت كوقت المرض والنوم والدعة والسكون فمن كان فتوره إلى سنة للنهوض إليها والعمل بمقتضاها فقد اهتدى، ومن كانت فتوره وكلاله إلى بدعة أي استعد لطلبها وسعي في تحصيلها فقد غوى، أو المراد من قوله: «فمن كانت فترته إلى سنة» أن السنة والعمل بها منشأ لفترته وضعفه، يعني من كانت فترته وضعفه لأجل تحمل المشاق الدينية والطاعات الشرعية فقد اهتدى، ومن كانت فترته وضعفه لأجل البدعة وتحمل مشاق الأحكام المبتدعة كنسك الجاهلين ورهبانية المتصوفين المبتدعين فقد غوى (1).