شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٣٣٠
وتلك الأجوبة المختلفة عن مسألة واحدة يحتمل أن يكون بعضها أو كلها من باب التقية لعلمه (عليه السلام) بأن السائل قد يضطر إليها، ويحتمل أن يكون كلها حكم الله تعالى في الواقع إذ ما من شيء إلا وله ذات وصفات متعددة متغايرة يترتب عليها أحكام مختلفة فلو سئل العالم النحرير عنه مرارا وأجاب في كل مرة بجواب مخالف للجواب السابق كانت الأجوبة كلها صادقة في نفس الأمر وإن لم يعلم السائل وجه صحتها ولا يقدح عدم علمه في صحتها لأن الواجب عليه بعد معرفة علو شأن المسؤول وتبحره في العلوم والمعارف هو التسليم واعتقاد أنها صدرت منه لمصلحة قطعا.
(قال: ثم قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة) جمع سنان، وهو الرمح.
(أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فأجابني بمثل جواب أبيه) الأحكام كلها مبنية على مصالح العباد دنيوية كانت أو اخروية ومن مصالحهم الدنيوية اختلاف الكلمة والأخذ بالتقية للنجاة من شر الكفرة الفجرة، ومن أنكر ذلك فقد أنكر ما يقتضيه العقل والنقل.
* الأصل:
6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن نصر الخثعمي، قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من عرف أنا لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا; فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن نصر الخثعمي، قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من عرف أنا لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا) يعني أن كل من عرف أنا أهل الصفوة والعصمة والرحمة، وأنا لا نقول إلا حقا ثابتا فليكتف بما يعلم ويتيقن أنه من مذهبنا وطريقتنا في الاصول والفروع وليعتقد أنه حق لا ريب فيه وإن لم يعلم مأخذه ومستنده.
(فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه) أي فإن سمع منا خلاف ما يعلم من مذهبنا فليعلم أن مقصودنا من ذلك القول رفع ضرر أهل البدعة والطغيان عنه وأنه صدر من باب التقية لا من باب الجهل والنسيان.
وفي قوله: «عنه» اقتصار، والمقصود عنه أو عنا، واعلم أن الأمرين المختلفين الصادرين عنهم (عليهم السلام) إما أن يكون مذهبهم معلوما في أحدهما كالمسح والغسل أو لا كحرمة التكفير وجوازه وهذا الحديث مشتمل على حكم الأول وحكم الثاني يستفاد من حديث عمر بن حنظلة ونحوه
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست