والآخر ينهاه عنه» يأبى هذا التوجه لأنه صريح في أن السائل سأل عن حكم المتناقضين، ويمكن الجواب عن أصل الإشكال: بأن المراد بالإرجاء التوقف في الحكم المتعلق بذلك الأمر يعني لا يحكم بوجوبه ولا بتحريمه بل يتوقف فيه حتى يلقى الإمام (عليه السلام) وعلى هذا لا اختلاف بين الروايتين إلا في العبارة.
* الأصل:
8 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ؟» قال: قلت: كنت آخذ بالأخير، فقال لي: «رحمك الله».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن المختار) وهو القلانسي، قال العلامة: الحسين بن المختار القلانسي من أصحاب أبي الحسن موسى (عليه السلام) واقفي، وقال ابن عقدة عن علي بن الحسن: إنه كوفي ثقة والاعتماد عندي على الأول. انتهى.
وقال الفاضل الأسترآبادي في كتاب الرجال: وفي الكافي: قال الحسين بن المختار: قال لي الصادق (عليه السلام): رحمك الله.
أقول: إن أشار به إلى ما في آخر هذا الحديث ففيه: أن هذا لبعض الأصحاب لا للحسين على أن التمسك به في مدحه يستلزم الدور.
(عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أرأيتك) أي أخبرني عنك.
(لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ؟ قال: قلت: كنت آخذ بالأخير) قال: ذلك لعلمه بأن الحكم قد تبدل في شأنه لمصلحة يعلمها (عليه السلام).
(فقال لي: رحمك الله) استرحمه لتصويب رأيه وتصديق قوله، وهذا الحديث على تقدير حجيته دل على أنه لو حدث المعصوم رجلا بحديث ثم حدثه بعد ذلك بحديث يخالف الأول وجب عليه الأخذ بالثاني والوجه فيه ظاهر لأن صدور أحد الحديثين إنما يكون للتقية والدفع عنه فإن كانت التقية في الأول كان الثاني رافعا لحكمها فوجب عليه الأخذ بالثاني، وإن كانت في الثاني وجب الأخذ به أيضا، وأما لو بلغ هذان الحديثان إلى الغير على سبيل الرواية عنه (عليه السلام) فلا يجب على ذلك الغير الأخذ بالثاني على الإطلاق لجواز أن يكون عالما بأن الثاني صدر على سبيل التقية مع ارتفاع التقية عنه، فإنه يأخذ بالأول كما إذا علم أن المعصوم أمر بالمسح أولا ثم أمر بالغسل ثانيا، فإنه يأخذ بالمسح إذا انتفت التقية عنه وأن يكون نسبة التقية إليهما سواء عنده فإن حكمه هو التخيير أو الوقف كما مر في الخبرين السابقين.