وجب عليه تعلم علم الزكاة لكن لا في الحال بل عند تمام الحول، وكذا الكلام في الحج والجهاد وغيرهما من الواجبات التي هي فروض الأعيان. وأما الترك فيجب عليه علم ذلك بحسب ما يتجدد من الأحوال، وذلك يختلف باختلاف الشخص فلا يجب على الأعمى تعلم ما يحرم من النظر، ولا على الأبكم تعلم ما يحرم من الكلام، ولا على البدوي تعلم ما لا يحل الجلوس فيه من المساكن.
وأما الاعتقاد وأعمال القلوب فيجب تعلمها بحسب الخاطر فإن خطر له شك في المعاني التي دلت عليها كلمة الشهادة وجب عليه تعلم ما يتوصل به إلى إزالة الشك، فإن لم يخطر له ذلك ومات قبل أن يعتقد أن كلام الله قديم أو حادث إلى غير ذلك مما يذكر في المعتقدات فقد مات على الإسلام إجماعا، هذا حاصل كلامه.
وأورد عليه بأن تخصيص ذلك العلم الذي وجب تعلمه بعلم الأعمال والمعاملات دون غيره من العلوم التي لا تتعلق بعمل أو كيفية عمل ليس بموجه لأن العلم بوحدانيته تعالى وبراءته من النقائص كلها يجب طلبه واكتسابه، وكذا العلم بكيفية صفاته وأفعاله وملائكته وكتبه ورسله وإحاطته بالأشياء كلها علما وحفظا، وكذا العلم بأحوال النفس وصفاتها وأحوالها ونشأتها وخلقها وبعثها إلى الله تعالى في النشأة الآخرة وسعادتها وشقاوتها مما يجب تعلمه وطلبه على كثير من الناس ولا يلزم أن يكون العلم الذي وجب تعلمه على كل مسلم علما واحدا بعينه هو الواجب على الآخر.
* الأصل:
3 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه قال:
سئل أبو الحسن (عليه السلام): هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون إليه؟ فقال: «لا».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى) هو محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين، وقد اختلف العلماء في جرحه وتعديله وتوثيقه ومذهبه فضعفه بعضهم ومدحه بعضهم وقال: إنه ليس في أقرانه مثله، ونسبه بعضهم إلى مذهب الغلاة، ووثقه بعضهم وقال: إنه جليل في أصحابنا ثقة عين كثير الرواية حسن التصانيف، وقال العلامة: والأقوى عندي قبول روايته (عن يونس بن عبد الرحمن) كان وجها في أصحابنا متقدما عظيم المنزلة روى عن أبي الحسن موسى والرضا (عليهما السلام)، وكان الرضا (عليه السلام) يشير إليه في العلم والفتيا، وكان ممن بذل له على الوقف مال جزيل فامتنع من أخذه وثبت على الحق، وقد روي أن الرضا (عليه السلام) ضمن له الجنة ثلاث مرات، والروايات