بحق أقول لكم: إن الناس في الحكمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله وضيعها بسوء فعله. ورجل أتقنها بقوله وصدقها بفعله، وشتان بينهما، فطوبى للعلماء بالفعل وويل للعلماء بالقول.
بحق أقول لكم: من لا ينقي من زرعه الحشيش يكثر فيه حتى يغمره فيفسده وكذلك من لا يخرج من قلبه حب الدنيا يغمره حتى لا يجد لحب الآخرة طعما.
ويلكم يا عبيد الدنيا اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات.
بحق أقول لكم: إن أجزعكم على البلاء لأشدكم حبا للدنيا. وإن أصبركم على البلاء لأزهدكم في الدنيا.
ويلكم يا علماء السوء ألم تكونوا أمواتا فأحياكم فلما أحياكم متم. ويلكم ألم تكونوا أميين فعلمكم، فلما علمكم نسيتم. ويلكم ألم تكونوا جفاة ففقهكم الله، فلما فقهكم جهلتم. ويلكم ألم تكونوا ضلالا فهداكم، فلما هداكم ضللتم.
ويلكم ألم تكونوا عميا فبصركم، فلما بصركم عميتم.
ويلكم ألم تكونوا صما فأسمعكم فلما أسمعكم صممتم. ويلكم ألم تكونوا بكما فأنطقكم، فلما أنطقكم بكمتم. ويلكم ألم تستفتحوا، فلما فتح لكم نكصتم على أعقابكم.
ويلكم ألم تكونوا أذلة فأعزكم، فلما عززتم قهرتم واعتديتم وعصيتم، ويلكم ألم تكونوا مستضعفين في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فنصركم وأيدكم، فلما نصركم استكبرتم وتجبرتم. فيا ويلكم من ذل يوم القيامة كيف يهينكم ويصغركم.
ويا ويلكم يا علماء السوء إنكم لتعملون عمل الملحدين وتأملون أمل الوارثين (1) وتطمئنون بطمأنينة الآمنين، وليس أمر الله على ما تتمنون وتتخيرون بل للموت تتوالدون وللخراب تبنون وتعمرون وللوارثين تمهدون.
بحق أقول لكم: إن موسى عليه السلام كان يأمركم أن لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين ولكن قولوا: لا ونعم، يا بني إسرائيل عليكم بالبقل البري وخبز الشعير، وإياكم