من يعقل السؤال عنها؟ قال عليه السلام: فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم من فتنة القول وعظيم فتنة الرد. واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده. ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده.
ولم يفرج المحزونين (1) بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته. فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد إل من يؤذيه بأوليائه، فكيف يمن يؤذى فيه. وما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه، فكيف بمن يترضاه (2) ويختار عداوة الخلق فيه.
يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قبله وما أوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا وازداد الله عليه غضبا.
يا هشام إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به. وأكثر الصواب في خلاف الهوى. ومن طال أمله ساء عمله.
يا هشام لو رأيت مسير الاجل لالهاك عن الامل.
يا هشام إياك والطمع. وعليك باليأس مما في أيدي الناس. وأمت الطمع من المخلوقين، فإن الطمع مفتاح للذل، (3) واختلاس العقل، واختلاق المروات (4)، وتدنيس العرض، والذهاب بالعلم، وعليك بالاعتصام بربك والتوكل عليه. وجاهد نفسك لتردها عن هواها، فإنه وجب عليك كجهاد عدوك. قال هشام: فقلت له فأي الأعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال عليه السلام: أقربهم إليك وأعداهم لك وأضرهم بك و أعظمهم لك عداوة وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك، ومن يحرض (5) أعداءك عليك