بعد مقته دنياك ولا آخرتك. وكن في الدنيا كساكن دار ليست له، إنما ينتظر الرحيل.
يا هشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة. ومشاورة العاقل الناصح يمن وبركة ورشد وتوفيق من الله، فإذا أشار (1) عليك العاقل الناصح فإياك والخلاف فإن في ذلك العطب (2).
يا هشام إياك ومخالطة الناس والانس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا ومأمونا فآنس به واهرب من سايرهم كهربك من السباع الضارية (3). وينبغي للعاقل إذا عمل عملا أن يستحيي من الله. وإذا تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره (4). وإذا مر بك (5) أمران لا تدري أيهما خير وأصوب، فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه، فإن كثير الصواب في مخالفة هواك. وإياك أن تغلب الحكمة وتضعها في أهل الجهالة (6) قال هشام: فقلت له: فإن وجدت رجلا طالبا له غير أن عقله لا يتسع لضبط ما القي إليه؟
قال عليه السلام: فتلطف له في النصيحة، فإن ضاق قلبه [ف] - لا تعرضن نفسك للفتنة. واحذر رد المتكبرين، فإن العلم يدل على أن يملى على من لا يفيق (7). قلت: فإن لم أجد