لقوله: " الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم " لان قريشا كانت تأخذ ديار من هاجر منها وأموالهم ولم تكن العرب تفعل ذلك بمن هاجر منها، ثم أثنى على المهاجرين الذين جعل لهم الخمس وبرأهم من النفاق بتصديقهم إياه حين قال: " فأولئك هم الصادقون " لا الكاذبون، ثم أثنى على الأنصار وذكر ما صنعوا وحبهم للمهاجرين وإيثارهم إياهم وانهم لم يجدوا في أنفسهم حاجة - يقول: حزازة (1) - مما أوتوا. يعني المهاجرين دونهم فأحسن الثناء عليهم فقال: " والذين تبوء والدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (2) وقد كان رجال اتبعوا النبي صلى الله عليه وآله قد وترهم المسلمون (3) فيما أخذوا من أموالهم، فكانت قلوبهم قد امتلأت عليهم، فلما حسن إسلامهم استغفروا لأنفسهم مما كانوا عليه من الشرك. وسألوا الله أن يذهب بما في قلوبهم من الغل لمن سبقهم إلى الايمان. واستغفروا لهم حتى يحلل ما في قلوبهم وصاروا إخوانا لهم. فأثنى الله على الذين قالوا ذلك خاصة فقال: " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم (4) "، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وآله المهاجرين عامة من قريش على قدر حاجتهم فيما يرى، لأنها لم تخمس فتقسم بالسوية. ولم يعط أحدا منهم شيئا إلا المهاجرين من قريش غير رجلين من أنصار يقال لأحدهما: سهل بن حنيف (5)
(٣٤٣)