وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام، فإنه لابد لكم من مجالستهم ومخالطتهم و منازعتهم - بالتقية (1) التي أمركم الله بها، فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنهم سيؤذونكم ويعرفون في وجوهكم المنكر. ولولا أن الله يدفعهم عنكم لسطوا بكم (2). وما في صدورهم من العداوة والبغضاء أكثر مما يبدون لكم، مجالسكم ومجالسهم واحدة وإن العبد إذا كان الله خلقه في الأصل - أصل الخلق - مؤمنا لم يمت حتى يكره إليه الشر ويباعده منه. ومن كره الله إليه الشر وباعده منه عافاه الله من الكبر أن يدخله والجبرية، فلانت عريكته (3) وحسن خلقه وطلق وجهه وصار عليه وقار الاسلام وسكينته وتخشعه وورع عن محارم الله واجتنب مساخطه. ورزقه الله مودة الناس ومجاملتهم وترك مقاطعة الناس والخصومات ولم يكن منها ولا من أهلها في شئ.
وإن العبد إذا كان الله خلقه في الأصل - أصل الخلق - كافرا لم يمت حتى يحبب إليه الشر ويقربه منه. فإذا حبب إليه الشر وقربه منه ابتلي بالكبر والجبرية، فقسا قلبه وساء خلقه وغلظ وجهه وظهر فحشه وقل حياؤه وكشف الله ستره وركب المحارم فلم ينزع عنها وركب معاصي الله وأبغض طاعته وأهلها. فبعد ما بين حال المؤمن والكافر فسلوا الله العافية واطلبوها إليه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أكثروا من الدعاء، فإن الله يحب من عباده الذين يدعونه. وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة والله مصير دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملا يزيدهم به في الجنة.
وأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار، فإن الله أمر بكثرة الذكر له، والله ذاكر من ذكره من المؤمنين، إن الله لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلا ذكره بخير.
وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين (4)، كما