فإنها تجمع من الخير ما لا يجمع غيرها ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الآخرة، قال الله: " وقيل للذين اتقوا: ماذا أنزل ربكم؟ قالوا: خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين (1) " اعلموا عباد الله أن المتقين ذهبوا بعاجل الخير وآجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، قال الله عز وجل: " قل: من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق... الآية (2) ". سكنوا الدنيا بأحسن ما سكنت وأكلوها بأحسن ما اكلت.
واعلموا عباد الله أنكم إذا اتقيتم الله (3) وحفظتم نبيكم في أهله فقد عبدتموه بأفضل عبادته وذكرتموه بأفضل ما ذكر وشكرتموه بأفضل ما شكر وقد أخذتم بأفضل الصبر والشكر واجتهدتم بأفضل الاجتهاد وإن كان غيركم أطول منكم صلاة وأكثر منكم صياما وصدقة، إذ كنتم أنتم أوفى لله وأنصح لأولياء الله ومن هو ولي الأمر من آل رسول الله صلى الله عليه وآله.
واحذروا عباد الله الموت وقربه وكربه (4) وسكراته وأعدوا له عدته فإنه يأتي بأمر عظيم (5) بخير لا يكون معه شر. وبشر لا يكون معه خير أبدا. فمن أقرب إلى الجنة من عاملها و (6) أقرب إلى النار من أهلها، فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أكثروا ذكر هاذم اللذات (7) ". واعلموا أن ما بعد الموت لمن لم يغفر الله له ويرحمه أشد من الموت.
واعلم يا محمد أنني وليتك أعظم أجنادي في نفسي أهل مصر وأنت محقوق (8)