يا هشام إن لقمان قال لابنه: " تواضع للحق تكن أعقل الناس (1). يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الايمان (2) وشراعها التوكل وقيمها العقل. ودليلها العلم وسكانها الصبر ".
يا هشام لكل شئ دليل. ودليل العاقل التفكر ودليل التفكر الصمت. ولكل شئ مطية ومطية العقل التواضع (3). وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه.
يا هشام لو كان في يدك جوزة وقال الناس [في يدك] لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة. ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس: إنها جوزة ما ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة.
يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله. وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا. وأعقلهم (4) أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة.
يا هشام ما من عبد إلا وملك آخذ بناصيته، فلا يتواضع إلا رفعه الله ولا يتعاظم إلا وضعه الله.
يا هشام إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة. وأما الباطنة فالعقول.
يا هشام إن العاقل، الذي لا يشغل الحلال شكره ولا يغلب الحرام صبره.
يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه عل هدم عقله. من أظلم نور فكره (5) بطول أمله. ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه. وأطفأ نور عبرته بشهوات