تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٢١٩
إلا نعيم زال وبؤس نزل (1) ومن عبرها أن المرء يشرف على أمله فيتخطفه أجله (2) فلا أمل مدروك ولا مؤمل متروك. فسبحان [الله] ما أعز سرورها وأظمأ ريها وأضحى فيئها فكأن ما كان من الدنيا لم يكن، وكأن ما هو كائن قد كان. [و] أن الدار الآخرة هي دار المقام ودار القرار وجنة ونار. صار أولياء الله إلى الاجر بالصبر وإلى الامل بالعمل.
وقال عليه السلام: من أحب السبل إلى الله جرعتان: جرعة غيظ تردها بحلم وجرعة حزن تردها بصبر. ومن أحب السبل إلى الله قطرتان: قطرة دموع في جوف الليل و قطرة دم في سبيل الله. ومن أحب السبل إلى الله خطوتان: خطوة امرء مسلم يشد بها صفا في سبيل الله وخطوة في صلة الرحم [وهي] أفضل من خطوة يشد (3) بها صفا في سبيل الله.
وقال عليه السلام: لا يكون الصديق لأخيه صديقا حتى يحفظه في نكبته وغيبته و بعد وفاته.
وقال عليه السلام: إن قلوب الجهال تستفزها الأطماع وترهنها المنى وتستعلقها الخدائع (4).
وقال عليه السلام: من استحكمت فيه خصلة من خصال الخير اغتفرت ما سواها ولا أغتفر فقد عقل ولا دين، لان مفارقة الدين مفارقة الامن ولا حياة مع مخافة. وفقد العقل

(1) في الأمالي [نعيم زال]. وفى الأمالي [ومن غيرها].
(2) وفى بعض النسخ وفى الأمالي [فيختطفه].
(3) في بعض النسخ [يشهد] في الموضعين.
(4) " تستفزها " أي تستخفها وتخرجها من مقرها " وترهنها المنى " في الكافي [ترتهنها] وهي إرادة مالا يتوقع حصوله أو المراد بها ما يعرض للانسان من أحاديث النفس وتسويل الشيطان أي تأخذها وتجعلها مشغولة بها ولا تتركها الا بحصول ما تتمناه كما أن الرهن لا ينفك الا بأداء المال وقوله: " تستعلقها " بالعين المهملة ثم القاف أي تصيدها وتربطها بالحبال من قولهم: " علق الوحش بالحبالة " إذا تعوق وتشب فيها. وفى بعض النسخ بالقافين أي تجعلها الخدائع منزعجة منقلعة من مكانها وفى بعضها بالغين المعجمة ثم القاف من قولهم: " استغلقني في بيعه " أي لم يجعل لي خيارا في رده. (مرآة العقول كتاب العقل والجهل).
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست